14.عدّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن حديد ، عن سُماعة بن ص 21
مهران ، قال : كنتُ عند أبي عبداللّه عليه السلام وعنده جَماعةٌ من مَواليه ، فجرى ذكرُ العقل والجهل ، فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «اعْرِفوا العقلَ وجندَه ، والجهلَ وجندَه تَهتدوا» قال سماعة : فقلتُ : جعلتُ فِداك ، لا نَعرفُ إلاّ ما عرَّفتنا ، فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق العقلَ ـ وهو أوّلُ خَلْق من الروحانيّين ـ عن يمين العرش من نوره ،
قوله عليه السلام في حديث سماعة : (اعْرِفوا العقلَ وجندَه والجهلَ وجندَه تَهتَدوا) .
كثيراً مّا يستعمل المعرفة بمعنى التصديق بالشيء والعمل به ، ولا يراد التصوّر فقط ، ولا التصديق من غير عمل فيما لا يكفي فيه ذلك ، كما تقول : «اعرف الحقّ تدخل الجنّة» وما هنا من هذا القبيل ؛ فالمعنى ـ واللّه أعلم ـ : اعرفوا ذلك واتّبعوا العقل وجانبوا الجهل تهتدوا .
ولا ينافيه ما يأتي في آخر الحديث من قوله عليه السلام : «وإنّما يُدْرَكُ ذلك بمعرفة العقل وجنوده ، وبمجانبة الجهل وجنوده» فإنّ المراد ـ واللّه أعلم ـ بالإدراك الوصول إليه ؛ ففيه تأييدٌ لما ذكر من المعرفة .
ويحتمل أن يكون بمعنى تهتدوا إن أردتم الهداية ، أو بمعنى تهتدوا إلى ما تريدون منهما ؛ كقوله تعالى : «وَ هَدَيْنَـاهُ النَّجْدَيْنِ» .۱