۰.فقال له : أدبِرْ فأدبَرَ ؛ ثمّ قال له : أقبِلْ فأقبَلَ ؛ فقال اللّه تبارك وتعالى : خلقتُكَ خلْقا عظيما ، وكرّمتُكَ على جميع خلقي» . قال : «ثمّ خلَق الجهلَ من البحر الأُجاج ظلمانيّا ، فقال له : أدبِرْ فأدبَرَ ؛ ثمّ قال له : أقبِلْ فلم يُقْبِلْ ، فقالَ له : استكبرتَ ، فلَعَنَهُ ، ثمّ جعل للعقل خسمةً وسبعينَ جُندا ، فلمّا رأى الجهلُ ما أكرَمَ اللّه به العقلَ وما أعطاهُ ، أضمَرَ له العداوةَ ، فقال الجهلُ : ياربِّ ، هذا خلقٌ مِثْلي خَلَقْتَه وكرَّمْتَه وقوَّيْتَه ، وأنا ضدُّه ولا قوّةَ لي به ، فأعْطِني من الجُنْد
قوله عليه السلام : (فقال له: أدْبِرْ فأدْبَرَ ، ثمّ قال له : أقبِلْ فلم يُقْبِلْ، فقال له : استكبرتَ، فَلَعَنَه) .
قد تقدّم أنّ اللّه سبحانه جعل للعقل والجهل نوعاً من التكليف ، ونوعاً من العقاب مع المخالفة ، فبمخالفة الجهل لَعَنَه ، وتوعّده إن عصى بعد ذلك بالإخراج من الرحمة . وعصيانه بمخالفته ما يؤمر به لا باستعمال جنوده . ومَن تدبّر حكمة التكليف مع إعطاء القدرة للمكلّف والاستطاعة لا يتوهّم أنّ في خَلْق الجهل وجنوده ما لعلّه يخطر بالبال ؛ فهو من قبيل خلق الشهوات والدواعي في الإنسان مع قدرته على الكفّ عنها .
قوله عليه السلام فيه : (ثمّ جعلَ للعقل خمسةً وسبعينَ جُنداً)۱ .