۰.والسعادةُ ، وضدّها الشقاوةَ ؛ والتوبةُ ،وضدّها الإصرارَ ؛ والاستغفارُ ، وضدّه الاغترارَ ؛ والمحافَظَةُ ، وضدّها التهاونَ ؛ والدعاءُ ، وضدَّه الاستنكافَ ؛ والنشاطُ ، وضدّه الكَسَلَ ؛ والفَرَحُ ، وضدَّه الحَزَنَ ؛ والأُلْفَةُ ، وضدَّها الفُرْقَةَ ؛ والسخاءُ ، وضدَّه البخْلَ .
فلاتجتمعُ هذه الخصالُ كُلُّها من أجنادِ العقلِ إلاّ فينبيّ أو وصيّ نبيّ،أو مؤمن قد امتحَنَ
قوله عليه السلام : (والسعادةُ ، وضدّها الشقاوةَ) .
لا شبهة في أنّ من كان عاقلاً ، أي عاملاً بعقله ، كان سعيداً ، ومن كانَ جاهلاً كذلك كانَ شقيّاً . ومع القدرة على سلوك طريق يكون به الإنسان سعيداً وطريق يكون به شقيّاً ترجعان ۱ إلى الاختيار .
قوله عليه السلام : (والفَرَحُ ، وضدّه الحَزَنَ) .
وجهه أنّ العاقل لا يحزن على مافات ؛ لدلالة عقله إيّاه على عدم الفائدة في الحزن ، وبعثه على الرضا بقضاء اللّه ، فيكون فَرِحا فيما يحزن منه الجاهل ، مسرورا بما يساء منه ؛ فلا ينافيه ما قد يحزن له المؤمن من نحو حزنه على مافات منه من التقصير ، أو ممّا يعدّه تقصيراً ونحوه ؛ ولا قوله تعالى : «وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ ءَاتَــاكُمْ»۲ فإنّ لهذا مقاماً آخر ، وهو الفرح بما يحصل له ويقع في يده ولا يفوته ، فهو مقيّد بنحو هذا . والمؤمن يفرح بما فيه رضاه تعالى ، سواءٌ فاتَه أم لم يَفُتْهُ .
وبالجملة ، فالتقييد لابدّ منه في الجميع ؛ واللّه أعلم .
وقد يقال : إنّ من جمع هذه الخصال ووصل إلى مرتبة الرضا بالقضاء لا يعتريه غمّ ولا حزن أصلاً، وإن حصل ما يشبههما منه، فليس منهما؛ واللّه تعالى أعلم بمقاصد أوليائه.