۰.قال : فقال ابنُ السكّيتِ : تاللّه ِ ما رأيْتُ مثلَكَ قطُّ ، فما الحجّةُ على الخلق اليومَ؟ قال : فقال عليه السلام : «العقلُ ، يَعرفُ به الصادقَ على اللّه فيُصدِّقُه ، والكاذبَ على اللّه فيُكذِّبُه» قال : فقال ابنُ السكّيتِ : هذا ـ واللّه ـ هو الجوابُ .
۲۱.الحسين بن محمّد ، عن مُعلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن المثنّى الحَنّاط ، عن قُتيبةَ الأعشى ، عن ابن أبي يعفور ، عن مَوْلًى لبني شيبان ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال :«إذا قامَ قائمُنا وَضَعَ اللّه ُ يَدَهُ على رؤوس العباد ، فجَمَعَ بها عقولَهم وكَمَلَتْ به أحلامُهم» .
قوله عليه السلام في حديث ابن السكّيت بعد قوله : فما الحجّةُ على الخلقِ اليومَ : (العقلُ يَعْرِفُ به الصادقَ على اللّه فيُصَدِّقُه ، والكاذبَ على اللّه فيُكَذِّبُه) .
جواب أبي الحسن عليه السلام لابن السكّيت يتضمّن أنّه عليه السلام الحجّة في ذلك الوقت ، وأنّ معرفة الحجّة بتصديق العقل له . ومعرفة غيره بتكذيب العقل له ، فقد أجاب عليه السلام على أبلغ وجه وأحسنه بحيث لو كان مخالف يُتّقى منه لما وجد إلى الكلام سبيلاً . وباقي الحديث ظاهر .
قوله عليه السلام في حديث مولى بني شيبان ۱ : (إذا قامَ قائمنا ، وَضَعَ اللّه ُ يَدَه على رؤوسِ العبادِ ، فجَمَعَ بها عقولَهم ، وكملَتْ به أحلامُهم) .
«اليد» هنا بمعنى القدرة ونحوها ممّا يليق به سبحانه ، وتكون بمعنى النعمة .
والمعنى ـ واللّه أعلم ـ أنّ عقولهم المنتشرة المختلفة ـ التي سمّوها أو اعتقدوها عقولاً وإن لم تكن كلّها عقولاً في الحقيقة ـ تصير كلّها عقلاً واحداً حقيقيّاً ظاهرا مع إزالة شبهة مارسخ في أفكارهم وسمّوه عقلاً وتمييزه وإخراجه ، فيصير الحقّ بذلك واضحاً كمال الوضوح لكلّ أحدٌ ، خالصاً من شوائب الجهل ، يعقل به المكلّف ما يراد منه ويدلّ عليه بسهولة ، فإمّا أن يتبعه مع هذا الوضوح فيسلم ، أو لا فيهلك ، ولا يقبل منه الجهل .
أو المعنى أنّ العقول التي أعطاهم اللّه إيّاها ولم يتبعوها كلّهم وخالفوا ما دلّتهم عليه ، كأنّها قد فارقتهم ، أو فارقهم بعضها ۲ ، وألفوا الجهل ومتابعته ، فيجمعها اللّه تعالى لهم في ذلك الوقت بعد تفرّقها وانتشارها على الوجه المذكور .
وإرادة النعمة من اليد محتملة ، فإنّ هذا نعمة عظيمة منه تعالى . وفي التعبير بوضع اليد على الرؤوس التي هي مقرّ العقول إشعارٌ بكمال الرأفة والرحمة .
و«الأحلام» جمع حلم ، وهو الأناة والعقل ، والمناسب هنا الثاني ، وذكره لدفع التكرار إن لم يغاير العقول في الجملة . وضمير «به» يرجع إلى الجمع ، نحو قوله تعالى : «اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى»۳ واللّه تعالى أعلم .