197
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.فإذا عَرَفَ ذلك عَرَفَ مَجْراه ومَوْصولَه ومَفْصولَه ، وأخلَصَ الوحدانيّةَ للّه ، والإقرارَ بالطاعة ، فإذا فَعَلَ ذلك كانَ مُستدركا لما فاتَ ، وواردا على ما هوآتٍ ، يَعْرِفُ ما هو فيه ، ولأيّ شيء هو هاهنا ، ومن أين يَأتيه ، وإلى ما هو صائرٌ ؛ وذلك كلُّه من تأييدِ العقلِ» .

قوله عليه السلام فيه : (فإذا عَرَفَ بذلك۱عَرَفَ مَجراه ومَوْصولَه ومفصوله ، وأخلَصَ الوحدانيّة للّه والإقرارَ بالطاعة) .
أي إذا عرف الإنسان هذه الأشياء ، عرف ما يجري فيه العقل وما يترتّب عليه وما يتّصل بذلك وينفصل عنه فيتبعه ، أو مجرى نفسه وما ينبغي أن يتّصل به كالنصح وما ينفصل عنه كالغشّ ونحوهما . وغاية معرفة هذه الأشياء ونتيجتها إخلاص الوحدانيّة للّه والإقرار له بالطاعة .
قوله عليه السلام فيه : (فإذا فَعَلَ۲كان مستدرِكاً لمافاتَ۳، ووارداً على ماهو آتٍ ، يَعرِفُ ما هو فيه ، ولأيِّ شيءٍ هو هاهنا ، ومِن أينَ يأتيه ، وإلى ماهو صائرٌ ؛ وذلك كلُّه من تأييدِ العقلِ) .
المعنى ـ واللّه أعلم ـ فإذا أخلص الوحدانيّة والإقرار بالطاعة بسبب ما ذكر قبلهما ، أو إذا فعل جميع ذلك الذي غايته الإخلاص والإقرار ، كانَ قد أدرك مامضى من عمره ولم يفت منه . والسين حينئذٍ لمعنى أنّه كان طالباً لإدراكه فأدركه ، أو كان مستدركاً لمافات منه وضيّعه في الماضي كاستدراك الفائت من الذنب بالتوبة ، بمعنى أنّه أدرك الخلاص من تبعته ، أو بمعنى أنّه تلافاه ونحو ذلك ممّا يناسب هذا اللفظ ، وإذا حصل هذه الحالة كان وارداً على ماهوآت ، عارفا ماهو فيه في الحال ، ولأيّ شيء يفعل ذلك الحاضر الذي يفعله ، ومن أيّ جهة يأتيه ، وإلى أيّ شيء يصير ؛ وجميع ذلك من تأييد العقل .
ولفظ «هاهنا» يمكن أن يكون لفائدة أنّ العاقل يعرف وجه الفعل الحاضر لا المستقبل ، فلولا التقييد به لأوهم ما يشمله إن لم يكن مصحّفاً فيما رأيته عن لفظ آخر ؛ واللّه تعالى أعلم بمقاصد أوليائه .

1.في «ألف ، ب ، د» : «بذلك» . وما فى المتن مطابق لنسخة «ج» وكثير من نسخ الكافيوالمطبوع .

2.في كثير من نسخ الكافي والمطبوع : + «ذلك» .

3.في «ألف ، ب ، د» : - «و» .وما في المتن مطابقة لسنخة «ج» وكثير من نسخ الكافي والمطبوع .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
196

۰.فإذا كانَ تأييدُ عقلِه من النور كانَ عالما ، حافظا ، ذاكرا ، فَطِنا ، فَهِما ، فعَلِمَ بذلك كيف ولِمَ وحَيْثُ ، وعَرَفَ مَن نَصَحَه ومَن غَشَّه ، .........

قوله عليه السلام فيه : (فإذا كانَ تأييدُ عقلِه من النور كانَ عالماً ، حافظاً ، ذاكراً ، فَطِناً ، فَهِما) .
يمكن أن يكون تقديم غير العلم سوى العقل عليه أوّلاً لتوقّف العلم عليه ، وبعد معرفة ذلك قدّم هنا العلم لشرفه وعلوّ رتبته .
فإن قلت : قوله عليه السلام : «فإذا كان تأييد عقله من النور ...» ظاهر في المعنى الذي تقدّم ، وهو أن يكون المراد بالعقل المعنى المصدري ، فإنّه حينئذٍ مؤيّد بالعقل الاسمي الغريزي ، وعلى الوجه الآخر كيف ينطبق؟
قلت : يمكن توجيهه بأنّ العقل كما يُطلق على الصحيح يُطلق على الفاسد وإن لم يكن عقلاً ، فيقال : فلان عقله فاسد ، إذا كانت الأشياء التي تصدر عنه لا تصدر عن العقل الصحيح ؛ فالمعنى حينئذٍ إذا كان عقله مؤيّداً بالنور ، أي عقلاً صحيحا ، ومالم يؤيّد بالنور فهو عقل فاسد .
ويحتمل المقام هنا كلاماً طويلاً لعلّك إذا تدبّرته يظهر لك ، ويظهر أيضاً القويّ من الأوجه التي تقدّمت . ولا ينظر فيها إلى تقديم وتأخير ، بل إلى كثرة القرائن التي تظهر من تضاعيف الحديث ؛ واللّه أعلم .
قوله عليه السلام فيه : (فَعَلِمَ۱بذلك كيفَ ، و لِمَ ، وحيثُ) .
أي إذا كان تأييد عقله من النور ، ترتّب عليه ما ذكر من العلم وما بعده ، فيعلم به كيف يكون الشيء ، ولأيّ شيء يكون ، وحيث ينبغي أن يكون . وهذا بخلاف مَن ليس كذلك ، فإنّه لا يعلم ، ولا يحفظ ، ولا يذكر ، ولا يتفطّن ، ولا يفهم كيف ، ولِمَ ، وحيث ؛ لأنّ إدراكها بهذه الأشياء فرع العقل النوري وما يترتّب عليه ، ويعرف أيضاً بذلك من نَصَحَه ومن غَشَّه بدلالة ما ذكر عليه .

1.في «ألف ، ب ، د» : «فيعلم» . وما فى المتن مطابق نسخة «ج» وكثير من نسخ الكافي والمطبوع .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 100507
صفحه از 715
پرینت  ارسال به