۲۶.محمّد بن الحسن ، عن سَهْل بن زياد ، عن ابن أبي نجرانَ ، عن العلاء بن رزينٍ ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال :«لمّا خلَقَ اللّه ُ العقلَ ، قال له : أقبِلْ ، فأقْبَلَ ، ثمَّ قال له : أدبِرْ ، فأدْبَرَ ، فقال : وعزَّتي وجَلالي ما خلقتُ خَلْقا أحْسَنَ منك ، إيّاك آمُرُ ، و إيّاك أنْهى ، وإيّاك اُثيبُ ، وإيّاكَ اُعاقبُ» .
۲۷.عِدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمدَ بن محمّد، عن الهَيْثم بن أبي مسروقٍ النهديِّ، عن الحسين بن خالد، عن إسحاق بن عمّار، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام :الرجلُ آتِيهِ واُكلِّمُهُ ببعض كلامي ، فيعرِفُهُ كلَّه ، ومنهم مَن آتِيهِ فاُكَلِّمُهُ بالكلام ، فيَسْتَوْفي كلامي كلَّه ، ثمّ يَرُدُّه عَلَيَّ كما كَلَّمْتُهُ ، ومنهم من آتِيهِ فاُكلِّمُهُ ، فيقول : أعِدْ عَلَيَّ ؟ فقال : «يا إسحاقُ ، وما تَدْرِي لِمَ هذا؟» قلت : لا ، قال : «الذي تُكَلِّمُهُ ببعض كلامك فيعْرِفُه كُلَّه ، فذاك مَن عُجِنَتْ نطفتُهُ بعقله ؛ وأمّا الذي تُكَلِّمُهُ فيستوفي كلامَك ثمّ يُجِيبُك على كلامك ، فذاك الذي رُكِّبَ عقلُه
قوله عليه السلام في حديث إسحاق بن عمّار : (الذي تُكَلِّمُه ببعض كلامك فيَعْرِفُه كلَّه) الحديث . حاصل معناه ـ واللّه أعلم ـ أنّ تفاوت الإدراك والفهم سببه ما ذكره عليه السلام ، فمن عجنت نطفته بعقله كان مدركاً بعقله لمضمون جميع الكلام من التكلّم ببعضه ۱ ؛ وهو ظاهر .
واعلم أنّ التفاوت بين هؤلاء لا يقتضي أحسنيّة حال الأوّل بالنسبة إلى من بعده ، وكذا الثاني من حيث إعطائه ذلك ؛ بل المدار في الثلاثة على متابعة العقل والعمل به على قدر ما أعطاه اللّه .
وقسمة هذا الإدراك والشعور نحو قسمة العقل متفاوتاً ، فكما أنّ زيادة الحصّة من العقل لا يترتّب لصاحبها زيادة حسن حال على غيره إلاّ بالعمل، فكذا هنا صاحب الإدراك.