199
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۲۶.محمّد بن الحسن ، عن سَهْل بن زياد ، عن ابن أبي نجرانَ ، عن العلاء بن رزينٍ ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال :«لمّا خلَقَ اللّه ُ العقلَ ، قال له : أقبِلْ ، فأقْبَلَ ، ثمَّ قال له : أدبِرْ ، فأدْبَرَ ، فقال : وعزَّتي وجَلالي ما خلقتُ خَلْقا أحْسَنَ منك ، إيّاك آمُرُ ، و إيّاك أنْهى ، وإيّاك اُثيبُ ، وإيّاكَ اُعاقبُ» .

۲۷.عِدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمدَ بن محمّد، عن الهَيْثم بن أبي مسروقٍ النهديِّ، عن الحسين بن خالد، عن إسحاق بن عمّار، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام :الرجلُ آتِيهِ واُكلِّمُهُ ببعض كلامي ، فيعرِفُهُ كلَّه ، ومنهم مَن آتِيهِ فاُكَلِّمُهُ بالكلام ، فيَسْتَوْفي كلامي كلَّه ، ثمّ يَرُدُّه عَلَيَّ كما كَلَّمْتُهُ ، ومنهم من آتِيهِ فاُكلِّمُهُ ، فيقول : أعِدْ عَلَيَّ ؟ فقال : «يا إسحاقُ ، وما تَدْرِي لِمَ هذا؟» قلت : لا ، قال : «الذي تُكَلِّمُهُ ببعض كلامك فيعْرِفُه كُلَّه ، فذاك مَن عُجِنَتْ نطفتُهُ بعقله ؛ وأمّا الذي تُكَلِّمُهُ فيستوفي كلامَك ثمّ يُجِيبُك على كلامك ، فذاك الذي رُكِّبَ عقلُه

قوله عليه السلام في حديث إسحاق بن عمّار : (الذي تُكَلِّمُه ببعض كلامك فيَعْرِفُه كلَّه) الحديث . حاصل معناه ـ واللّه أعلم ـ أنّ تفاوت الإدراك والفهم سببه ما ذكره عليه السلام ، فمن عجنت نطفته بعقله كان مدركاً بعقله لمضمون جميع الكلام من التكلّم ببعضه ۱ ؛ وهو ظاهر .
واعلم أنّ التفاوت بين هؤلاء لا يقتضي أحسنيّة حال الأوّل بالنسبة إلى من بعده ، وكذا الثاني من حيث إعطائه ذلك ؛ بل المدار في الثلاثة على متابعة العقل والعمل به على قدر ما أعطاه اللّه .
وقسمة هذا الإدراك والشعور نحو قسمة العقل متفاوتاً ، فكما أنّ زيادة الحصّة من العقل لا يترتّب لصاحبها زيادة حسن حال على غيره إلاّ بالعمل، فكذا هنا صاحب الإدراك.

1.في «ج ، د» : + «إلخ» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
198

۲۴.عليُّ بن محمّد ، عن سَهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مِهران ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال :«العقلُ دليلُ المؤمِن» .

۲۵.الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن السَّرِيِّ بن خالد، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال:«قالَ رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله : يا عليُّ، لا فَقْرَ أشدُّ من الجَهْل، ولا مالَ أعْودُ من العقلِ» .

قوله عليه السلام في حديث ابن مهران : (العقلُ دَليلُ المؤمِن) .
لاينافي هذا كونه دليل غير المؤمن أيضاً ، فإنّ من يتبع الدليل ويطيعه يضاف إليه ويقال : العقل دليله ، كما يدلّ شخص جماعة على طريق ونحوه ، فيتبعه بعضهم ولا يتبعه الباقي ، فيقال : هو دليل فلان ، والمراد من تبعه . والمؤمن لمّا كان مسيره وظَعْنه ۱ وإقامته بدلالة العقل كانَ دليله .
وفيه تنبيه على أنّ التخلّف عن هذا الدليل مخرج ۲ عن الإيمان أو كماله بحسب التخلّف .
قوله صلى الله عليه و آله في حديث السريّ بن خالد : (ياعليّ ، لا فقْرَ أشدُّ من الجهل ، ولا مالَ أعوَدُ من العقلِ) . الفقر كثيراً مّا يستعمل بمعنى كون الإنسان عادماً لما له خطر ، إمّا في نفس الأمر ، أو بحسب العرف والعادة . وإن لم يكن مالاً فيقال : فلانٌ فقير من المروّة ، وإن كان ذامالٍ ، كما قال الشاعر : وربّ مال فقير من مروّته .
واستعمال الفقر هنا من هذا القبيل .
وفي ذكر «أشدّ» هنا مالا يخفى من المناسبة للفقر . ولعلّه عليه الصلاة والسلام عدل عن مقابلة الفقر بالغنى لحصول الغنى من هذه العبارة ، مع ما في ذكر «مال» و «أعود» من المناسبة والبلاغه ممّا ليس في نحو قول القائل : «لا غنى كالعقل» ۳ .
وبالجملة ، فمن عرف هذا الكلام حقَّ المعرفة ، أشْعَرَ بمصدره ومورده ؛ كيف ، وهو كلام سيّد البشر ومورده أميرالمؤمنين صلوات اللّه عليهما .

1.ظَعَنَ ظَعْنا : سارَ . القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۴۵ (ظعن) .

2.في «ألف ، ج » : «يخرج» .

3.هذا القول لأميرالمؤمنين ، راجع : نهج البلاغة ، ص ۴۷۸ ، الحكمة ۵۴ ؛ روضة الواعظين ، ج ۱ ، ص ۴ ، مجلس في ماهيّة العقول وفضلها ؛ وفي بحارالأنوار ، ج ۱ ، ص ۹۴ ، باب فضل العقل وذمّ الجهل ، ح ۲۷ عن روضة الواعظين ؛ وص ۹۵ ، نفس الباب ، ح ۴۰ ، عن نهج البلاغة .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 97663
صفحه از 715
پرینت  ارسال به