201
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۲۹.بعض أصحابنا، رَفَعَه، عن مفضّل بن عمرَ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال:«يا مُفضّلُ، لايُفْلِحُ من لايَعقِلُ، ولا يَعقِلُ من لايعلمُ، وسوفَ يَنْجُبُ من يَفهمُ، ويَظْفَرُ من يَحْلُمُ، والعلمُ ص 27
جُنَّة، والصدقُ عِزٌّ ، والجهلُ ذُلٌّ ، والفهمُ مَجْدٌ ، والجودُ نُجْحٌ ، وحُسْنُ الخُلُقِ مَجْلَبَةٌ للمودّة ،

قوله عليه السلام في حديث مفضّل بن عمر : (يامفضّلُ ، لا يُفلِحُ مَن لا يَعقِلُ ، ولا يَعقِلُ من لا يَعلَمُ) أي لا يفلح من لا يعمل بعقله ، ولا يعقل ما يُراد منه ويَدلّه العقل عليه من لا يتعلّم العلم ، فإنّه ثمرة العقل ونتيجته ، فإذا لم يحصّله كان كغير العاقل ، بل أسوأ حالاً من حيث عدم فوز غير العاقل الحقيقي بالمراتب العليّة .
قوله عليه السلام فيه : (وسوف يَنجُبُ من يَفهَمُ ، ويَظفَرُ مَن يَحلُمُ) .
يمكن أن يكون الإتيان ب «سوف» باعتبار أنّ أثر فهم الأشياء المطلوبة منه يظهر في الآخرة وأنّ نجيب الدنيا لا يكون نجيباً إلاّ بالاعتبار المذكور ، ونحوه الظفر الحاصل من الحلم .
ويمكن إرادة نجابة الدنيا والظفر فيها بحيث يكون أثره في الآخرة ، وذكر «سوف» حينئذٍ باعتبار أنّ النجابة والظفر يحصلان بعد الفهم والحلم المقتضيين لمضيّ زمان يحصلان فيه ليترتّبا عليهما .
قوله عليه السلام فيه : (والعلمُ جُنَّةٌ ، والصدقُ عِزٌّ ، والجهلُ ذُلٌّ ، والفهمُ مَجْدٌ ، والجودُ نُجْحٌ ، وحُسن الخُلُق مَجلَبَةٌ للمودّةِ) .
لا شبهة في أنّ العلم يقي صاحبه ، ويحفظه في الآخرة من العذاب ، وفي الدنيا من النقص الحاصل من الجهل .
و«الجُنَّة» بالضمّ : كلّ ماوقى .
«والصدق عزّ» لأنّ الصادق لا يشينه ذلّ الكذب في الدنيا والآخرة ، والجاهل ذليل بالنسبة إلى العالم الحقيقي . وبفهم الأشياء على وجهها يصير الإنسان ذا مجد ـ أي شرف ـ وكرم عنداللّه وعند الناس الذين هم الناس .
«والجود نُجح» ، وهو الظفر بالحوائج ، ونجح أمر فلان : تيسّر وسهل ، فالجواد يسرع إليه قضاء الحوائج في الدنيا وهو مقضيها في الآخرةِ ظافِرٌ بها .
وحُسن الخلق مجلبة لمودّته للّه ومودّة اللّه له ، أو لمودّة العدوّ والصديق ، أو مطلقا .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
200

۰.فيه في بطن اُمّه ؛ وأمّا الذي تُكَلِّمُهُ بالكلام فيقولُ : أعِدْ عَلَيَّ ، فذاك الذي رُكّبَ عقلُه فيه بعدما كَبِرَ ، فهو يقول لك : أعِدْ عَلَيَّ» .

۲۸.عِدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن بعض من رَفَعَهَ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال :«قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إذا رأيتم الرجلَ كثيرَ الصلاة ، كثيرَ الصيام ، فلا تُباهوا به حتّى تَنظُروا كيف عقلُه؟».

قوله عليه السلام في الحديث المرفوع : (إذا رأيتم الرجلَ كثيرَ الصلاةِ ، كثيرَ الصيامِ فلا تُباهوا به حتّى تَنظُروا كيف عقلُه) .
معناه ـ واللّه أعلم ـ : لا تنظروا إلى كثرة أعمال الرجل حتّى تنظروا كيف عقله لها وأخذه إيّاها عن العقل ، فإن كان كذلك كانت أفعاله واقعة على وجهها ، فكان ممّن يباهى به ، وإن كانت صادرة عن غير عقل وأخذاً ۱ لها على غير وجهها ، فليس فاعلها ممّن يباهى به ، فإنّ العمل من غير علم لا ثمرة له ؛ هذا هو الظاهر .
ويحتمل بعيداً أن يكون المراد بالعقل الغريزة ، والمعنى حينئذٍ أنّ العمل ينبغي أن يكون على قدر ما عند الإنسان من العلم والعقل الذي كلّف بمقداره من العمل ، فإذا كان ذلك منه كثيراً زائداً على ذلك ، كانَ ممّن لا يُباهى به ، فإنّ الزائد كالناقص .

1.في «ج» : «آخذا» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 97644
صفحه از 715
پرینت  ارسال به