۰.والعالمُ بزمانه لا تهجُمُ عليه اللوابسُ ، والحزمُ مَساءةُ الظنِّ، .........
قوله عليه السلام فيه : (والعالِمُ بزمانه لا تَهجُمُ عليه اللوابِسُ ، والحَزمُ مساءةُ الظنِّ) .
معناه ـ واللّه أعلم ـ أنّ العالم بأهل زمانه لا يدخل عليه منهم ما يلبس عليه أمره ويضرّ بحاله ، بل يكون راجعاً في اُموره إلى اللّه وإلى العقل والعلم ودلالتهما على مافيه صلاحه ؛ أو العالم بزمانه وما يقتضيه من العمل فيه ، ونحوه لا يدخل عليه تلبيس أهله ، ولا يلتبس عليه فيه أمر كما يلتبس على غيره ممّن ليس بعالم ؛ وهذا كلّه ظاهر .
وقوله عليه السلام : «والحزم مساءة الظنّ» من قبيل قول أميرالمؤمنين عليه السلام : «إذا كان الغدر طباعاً فالثقة بكلّ أحد عجزٌ» ۱ وقول الشاعر :
أسأت إذ أحسنت ظنّي بكموالحزم سوء الظنّ بالناس۲
وقد يتوهّم المنافاة بين هذا وما تضمّن مدح حسن الظنّ ، فالجمع بينهما بأن يقال : أمّا فيما يتعلّق باللّه سبحانه فظاهرٌ ، فإنّ حسن الظنّ باللّه تعالى مرتبة شريفة ، وكذا أنبياؤه ورُسُله والأئمّة عليهم السلام ونحوهم ؛ وأمّا غيرهم حسن الظنّ به من حيث حمل أفعاله وأقواله التي يمكن حملها على وجه صحيح فيما يتعلّق بذلك الغير إذا كان ممّن يحسن الظنّ به . وأمّا ما يتعلّق بمحسن الظنّ ، فإنّه مع تحصيل العلم بدلالة العقل يكون اعتماده على ذلك ، فلا ينبغي الاعتماد على غيره فيما يخالفه ولا يدلّ عليه العقل والشرع .
فبهذا يمكن الجمع ، وفيه إشارة إلى النهي عن اتّباع الظنّ الذي لا يجوز وعدم تقليد الغير والاعتماد عليه لحسن الظنّ به فيما لا يجوز ويتيسّر تحصيل العلم به ، ونحو ذلك .
وبالجملة ، فحسن الظنّ له موارد ، وسوء الظنّ له موارد تظهر بالتتبّع ؛ واللّه تعالى أعلم .