من أصفهان إلى مكّة المشرّفة:
تقدّم أنّ فقيدنا قد حجّ البيت الحرام بداية شبابه، وكان سفره من موطنه جبل عامل، ولمّا سكن أصفهان وأقام فيه ، ذهب إلى مكّة، كما يظهر من طيّات ما كتبه في الدرّ المنثور مترجما لنفسه، فإنّه نقل بعض الحوادث التي جرت له منذ أن عزم على السفر إلى مكّة، وفي طريقه من أصفهان إلى مكّة وبالعكس، وكانت كلّها تشير إلى العناية الربّانيّة التي لقّاها في سفره ممّا يدلّ على إخلاصه وحسن نيّته، وقوّة علاقته بخالقه، فأولاه تلك العناية، وحفظه من أيدي الأعداء والحسّاد ذهابا وإيابا.
فيقول:
ومن غريب ما اتّفق لي أنّي لمّا عزمت على السفر من أصفهان إلى مكّة المشرّفة ، بعت بعض كتب كانت عندي، فجاءني في اليوم الثاني رجل خصيّ اسمه خواجه التفات، وكان من توابع زينب بگم بنت الشاه طهماس رحمهماالله، فقال: اُريد أن تخبرني، هل بعت شيئا من كتبك في هذه الأيّام، فقلت له: أخبرني عن سبب سؤالك حتّى اُخبرك ، فقال:
أرسلت إليّ البگم في هذا الوقت تطلبني، فلمّا ذهبت إليها قالت: في هذه البلدة رجل اسمه الشيخ عليّ من أولاد الشيخ زين الدين؟ فقلت: نعم، فقالت: رأيت هذه الليلة في المنام الشاه عبّاس، وهو يقول ما معناه: أنّ هذا الرجل يجيء إلى بلادنا، وكنّا نطلب آباءه فلم يقبلوا أن يجيئوا إلينا ، وتصل حاله إلى أن يبيع كتبه وأنتم موجودون؟! فلمّا سمعتُ منه هذا ، أخبرته بالواقع، وهو أنّي بعت الكتب من غير إظهار لذلك. ۱
وبعدها يمّم المترجم طرفه نحو البيت العتيق، وأدّى مناسك الحجّ ، ثمّ قفل راجعا إلى محلّ إقامته أصفهان تحرسه ملائكة الرحمن، وكان كلّ ذلك ببركة حجّ بيت اللّه الحرام.