221
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۷.الحسين بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد ، عن القاسم بن الربيع ، عن مفضّل بن عمر ، قال :سمعتُ أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «عليكم بالتفقّه في دين اللّه ، ولا تكونوا أعرابا ، فإنّه من لم يَتفقَّهْ في دين اللّه لم يَنظُرِ اللّه ُ إليه يوم القيامة ، ولم يُزَكِّ له عملاً» .

قوله عليه السلام في حديث مفضّل بن عُمر : (فإنّه مَن لم يَتَفَقَّهْ في دينِ اللّه ِ لم يَنظُرِ اللّه ُ إليه يومَ القيامةِ ، ولم يُزَكِّ له عَمَلاً) .
قد يقال : إنّ هذا الحديث يدلّ بظاهره على وجوب التفقّه على كلّ مكلّف ، وإنّه لا يجوز له التقليد .
ويمكن الجواب بأنّ المقلّد متفقّه أيضاً ، فإنّه يفقه الأحكام الواجبة عليه ونحوها بواسطة غيره .
و«النظر» بمعنى الرحمة والرأفة 1 ونحوهما ، وهو يدلّ على أنّ مثل هذا لا يعفو اللّه عنه . ولا ينافيه قوله تعالى : «وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ» 2 إمّا لعلمه عليه السلام بأنّ مشيّة المغفرة لا تتعلّق بهذا ، كما لا تتعلّق بغيره ممّن لا يشاء اللّه أن يغفر له ؛ أو يقال : إنّ عدم النظر لاينافي أصل المغفرة في الجملة بحمل النظر على معنى يوافقه .
فإن قلت : ما الفرق حينئذٍ بين المشرك الذي لا يغفر اللّه له ، ومَن علم أنّه لا يغفر له من غير المشركين ، كما في تارك التفقّه على تقدير عدم المغفرة أصلاً؟
قلت : ظاهر الآية ـ واللّه أعلم ـ أنّ أهل الذنب قسمان : مشركٌ ، وهذا لا يغفر اللّه له ألبتّة ، وغيره ، وهو قسمان : قسمٌ تتعلّق المشيّة بمغفرته له ، وقسمٌ لا تتعلّق بها ، أو تتعلّق بعدمها . فبعد التعلّق بعدم المغفرة لافرق بين غير المشرك وبينه إلاّ من جهة تفاوت العقاب بحسب الذنب . وغير من علم تعلّق المشيّة به بالمغفرة أو عدمها ، الفرق بينه وبين المشرك ظاهرٌ ، وكذا عدم تزكية عمل غير المتفقّه ، فإنّ عمله من غير تحصيل ما هو شرط صحّة العمل لا يصلح للتزكية ، وعدم تزكية العمل قد لا يستلزم وجود العمل ، فإنّ حاصله أنّه غير داخل في أهل العمل المزكّي ، وغير الداخل يشمل من لا عمل له أصلاً ؛ فتأمّل .

1.في «ج» : «الرأفة والرحمة» .

2.النساء (۴) : ۴۸ .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
220

۵.عدّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد البرقيّ ، عن يعقوبَ بن يزيدَ ، عنص ۳۱
أبي عبداللّه ـ رجلٍ من أصحابنا ـ رَفَعَه قال:
قال أبو عبداللّه عليه السلام : «قال رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله : طلبُ العلمِ فريضةٌ».
وفي حديث آخر ، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «قال رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله : طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلّ مسلم ، ألا وإنَّ اللّه َ يُحِبُّ بُغاةَ العلمِ» .

۶.عليُّ بن محمّد بن عبداللّه ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن عليّ بن أبي حمزةَ ، قال : سمعتُ أبا عبداللّه عليه السلام يقول :«تفقّهوا في الدين ؛ فإنّه من لم يَتفقَّهْ منكم في الدين فهو أعرابيٌّ ؛ إنَّ اللّه تعالى يقول في كتابه : « لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَ لِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » » .

قوله عليه السلام في حديث عليّ بن أبي حمزة : (فإنّه مَن لم يَتَفَقَّهْ منكم في الدين فهو أعرابيٌّ ، إنّ اللّه يقول في كتابه : «لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَ لِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ» 1 ) . «الأعراب» جمع أعرابي ، وهم سكّان البادية ، سواء كانوا عرباً أم غيرهم ؛ ولذلك كانوا بعيدين عن معرفة أحكام اللّه وحدوده ومحاسن الشيم ومكارم الأخلاق ، فمن لم يتفقّه في دين اللّه كانَ أعرابيّاً ، أي متّصفاً بما يتّصف به الأعرابي ممّا ذكر ، فمن شاركهم في ذلك فهو مثلهم ، فهو من قبيل : فلانٌ حاتم ، وفلانٌ أبو لهب ونحوهما ، وهم الذين قال اللّه تعالى في شأنهم : «الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَ نِفَاقًا وَ أَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ» 2 .
واستدلّ بالآية على كون الأمر للوجوب . وفيه كلام ليس هذا محلّه .
وربما دلّت بظاهرها على وجوب التفقّه كفايةً ، وتقليد من لم يَنفُر لمن نَفَرَ ، إلاّ أن يقال بعدم منافاتها لوجوب التفقّه ، فيكون الإنذار للتفقّه منهم كما تفقّهوا ؛ فيرجع إلى غيرها من الأدلّة ، وهذا على تقدير كون التفقّه معنى خاصّا ؛ واللّه تعالى أعلم .

1.التوبة (۹) : ۱۲۲ .

2.التوبة (۹) : ۹۷ .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 99374
صفحه از 715
پرینت  ارسال به