223
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۹.عليُّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عيسى ، عمّن رواه ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال :قال له رجل : جُعلت فداك ، رجلٌ عَرَفَ هذا الأمر ، لَزِمَ بيتَه ولم يَتعرَّفْ إلى أحد من إخوانه؟ قال : فقال : «كيف يَتفقَّهْ هذا في دينه؟» .

باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء

۱.محمّد بن الحسن وعليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عيسى ، عن عُبيد اللّه بن عبداللّه الدهقان،عن دُرُستَ الواسطيّ،عن إبراهيمَ بن عبدالحميد،عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، قال :«دخل رسول اللّه صلى الله عليه و آله المسجدَ ، فإذا جَماعةٌ قد أطافوا برجل ، فقال : ما هذا؟ فقيل : علاّمةٌ ، فقال : وما العلاّمةُ؟ فقالوا له : أعلَمُ الناس بأنساب العرب ووقائعها ، وأيّام الجاهليّة ، والأشعار العربيَّة ، قال : فقال النبيُّ صلى الله عليه و آله : ذاك علْمٌ لا يَضرُّ مَن جَهِلَه ، ولا يَنفَعُ من عَلِمَه ؛ ثمَّ قال النبيُّ صلى الله عليه و آله : إنّما العلمُ ثلاثةٌ : آيةٌ محكمة ، أو فريضة عادلة ، أو سنَّة قائمة ،

قوله عليه السلام في حديث محمّد بن عيسى : (كيفَ يَتَفَقَّهُ هذا في دينِه) .
هذا من جملة ما يدلّ على أنّ التفقّه يجب أن يكون من الأفواه ، ولا يكفي فيه تتبّع الكتب ، وتارك الأمرين أشدّ فساداً إن لم يحصل من التتبّع ماهو أعظم .

باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء

قوله صلى الله عليه و آله في حديث إبراهيم بن عبد الحميد : (إنّما العلمُ ثَلاثةٌ : آيَةٌ مُحكَمَةٌ ، أو فَريضةٌ عادِلَةٌ ، أو سُنّةٌ قائمة ، وما خلا هنّ فهو فَضْلٌ) .
حصر صلى الله عليه و آله العلم الحقيقي في ثلاثة أقسام ، أو أشياء ، أو علوم و ۱ نحو ذلك .
ولاينافي الحصر قوله عليه السلام : «ذاك علم لا يضرّ مَن جهله» فإنّ ذاك ليس علماً حقيقيّاً وإن سمّاه علماً ، أو باعتبار تسمية غيره له علماً ، كما لو قال أحد : أغنيت زيداً بأن أعطيته درهما ، فيقال له : هذا الغنى لا يضرّ زيداً ولا ينفعه ، ومثل هذا متعارف شائع .
قال والدي طاب ثراه :
يحتمل أن يُراد بالعلم ما يحصل منه العمل ، ولا يتمّ إلاّ بالآية المحكمة ؛ إذ المتشابه لا يتشخّص معناه .
والفريضة العادلة محتملة لأن يراد العلم بها ، لإمكان العمل .
ويراد بالعادلة المستقيمة ردّاً على المبدعة .
والسنّة القائمة محتملةٌ لإرادة نحو العادلة ، ويحتمل أن يراد بها الدائمة ؛ لما صرّح به في القاموس . ۲
والاحتراز بها في الأوّل عن المبدعات من الغلوات،وفي الثاني عن المنقطع من السنن.
ويحتمل أن يراد من العلم العمل بنوع من التوجيه ؛ فليتأمّل .
انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه .
وعن النهاية الأثيريّة
ومنه الحديث : العلم ثلاثة : آية محكمة ، أو سنّة قائمة ، أو فريضة عادلة . «القائمة» : الدائمة المستمرّة التي العمل بها متّصل لا يترك . ۳ و«فريضة عادلة» أراد العدل في القسمة ، أي معدّلّة على السهام المذكورة في الكتاب والسنّة من غير جور ؛ ويحتمل أن يكون المراد أنّها مستنبطة من الكتاب والسنّة ، فتكون هذه الفريضة تعدل بما أخذ عنها ؛ ۴ انتهى .
وبقي احتمال آخر ، وهو أن يكون المراد بالآية المحكمة الآية التي قد أُحكم معناها ، وأتقن وعلم على وجهه بمعرفته ونقله عن أهل العلم عليهم السلام ، سواء كانت محكمة بالمعنى المشهور أم لا ، فإنّ المحكّم به قد يحتاج في بيانه ووضوحه وما يتوقّف عليه إلى ذلك ؛ وبالفريضة العادلة الواجب المفروض الخالي عن الزيادة والنقصان ، وبالسنّة القائمة إمّا المندوب ، أو ما يشمله إن خصّصنا الفريضة بالقرآن .
وكان في وصف الآية بالمحكمة إشارة إلى تمام التثبّت في معرفة كلام اللّه تعالى ، والفريضة بالعادلة إلى أنّ الفرائض معرفتها أسهل لشهرتها وتكثّر نقلها والعمل بها ، فناسب التنبيه فيها على الخلل بالقيام بها في الحدّين ، والسنّة بالقيام لمناسبته لها ، فإنّ السنن لاحرج في أمرها كالفرائض والآيات .
والذي يظهر أنّ أقوى الاحتمالات إرادة معرفة الكتاب والسنّة على وجههما الذي ينبغي ، وتخصيص الفريضة لما في علم الفرائض من الإشكال الذي كثيراً مّا يقع بسببه خلاف العدل ، فيجب معرفته على وجهه والتحرّز فيه من الغلط . وهذا وإن شاركه فيه غيره إلاّ أنّه كثيراً مّايقع فيه الجور بسبب عدم معرفته على وجهه ؛ واللّه تعالى أعلم .
ويمكن أن يكون وجه العدول عن التعبير بالعلم بالآية ، والعلم بالفريضة ، والعلم بالسنّة للتنبيه على أنّ العلم وحده لا يكفي في كون صاحبه عالماً ، بل لابدّ من العمل .
وقد أشار والدي رحمه اللّه إلى نحو هذا فيما تقدّم نقله عنه .
وفريضه عادلة وسنّة قائمة من باب «عِيشَةٍ رّاضِيَةٍ»۵ بمعنى عادل صاحبها وقائم بها . وآية محكمة يمكن أن يكون معناها محكم معناها ، فيرجع إلى نحو «عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ» بوجه آخر . ويمكن أن يكون العلم بمعنى المعلوم ، فلا يحتاج إلى تقدير . وكأنّه أظهر ؛ واللّه أعلم .

1.في «ج» : «أو» .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۶۸ (قوم) .

3.النهاية ، ج ۴ ، ص ۱۲۶ (قوم) .

4.النهاية ، ج ۳ ، ص ۱۹۱ (عدل) .

5.الحاقّة (۶۹) : ۲۱ .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
222

۸.محمّدُ بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن جَميل بن دَرّاج ، عن أبان بن تَغْلِبَ، عن أبيعبداللّه عليه السلام ، قال:«لوَدِدْتُ أنّ أصحابي ضُرِبَتْ رؤوسُهم بالسياط حتّى يَتفقّهوا».

قوله عليه السلام في حديث أبان بن تغلب : (لوَدِدْتُ أنّ أصحابي ضُرِبَتْ رؤوسُهم بالسياطِ حتّى يَتَفَقَّهوا) .
معنى «وددت» : تمنّيتُ أو أحببتُ ، وقد أكّد عليه السلام ذلك بلام الابتداء لزيادة تمنّيه ومحبّته لأن يقع ، ولو توقّف على هذا النوع العظيم من الضرب الواقع على أشرف الأعضاء . و«حتّى» إمّا بمعنى انتهاء الغاية ، أي إلى أن يحصل منهم التفقّه ؛ أو بمعنى التعليل ، أي لكي يحصل . والأوّل أبلغ .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 97298
صفحه از 715
پرینت  ارسال به