۲.محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد ، عن
أبي البَخْتريّ، عن أبيعبداللّه عليه السلام ، قال:«إنّ العلماءَ ورثة الأنبياء، وذاك أنَ الأنبياءَ لم يُورِثوا درهما ولا دينارا ، وإنَّما أورَثوا أحاديثَ من أحاديثهم ، فمَن أخَذَ بشيء منها فقد أخَذَ حظّا
قوله عليه السلام في حديث أبي البَخْتَري : (إنّ العلماءَ وَرَثَةُ الأنبياءِ ، وذاكَ أنّ الأنبياءَ
لم يورِثوا درهماً ولا ديناراً ، وإنّما أوْرَثوا أحاديثَ من أحاديثهم ، فمن أخَذَ بشيءٍ منها فقد أخَذَ حظّاً وافراً) .
هذا الحديث يدلّ على خلاف ما ادّعى من معنى قوله صلى الله عليه و آله : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» ۱ وذلك لأنّه لمّا قال : «إنّ العلماء ورثة الأنبياء» ربما توهّم من هذا الكلام أنّ الأنبياء لا يورثون صاحب الميراث المالي فاستأنف عليه السلام ذلك وعلّله بقوله : «وذاك أنّ الأنبياء
لم يورثوا درهماً ولا ديناراً ...» ومعناه أنّ الوارث هنا إنّما يرث وإن كان أجنبيّاً من حيث النسب ؛ لأنّ الأنبياء لم يتركوا الوارث المال شيئاً ممّا ذكر يصل إليه بالميراث النسبي ونحوه حتّى يكون مختصّاً بهم، بل ورّثوا أحاديث من أحاديثهم،وذلك لايختصّ به الوارث للمال.
وحمل التوريث على ما ذُكر هو الذي يقتضيه المقام وسياق الكلام ، فلا يرد أنّه عدل عن غيره مع احتمالها ، أو ظهور المعنى الآخر .
والدرهم والدينار يحتمل أن يكون المراد بهما النوعان ، وأن يكونا كناية عن المتروكات ، أو عن الشيء المعتدّ به .
وإن ثبت توريث بعض الأنبياء على أحد الأوجه ، اُجيب ببعضها أو بتخصيص العامّ وأنّ الحكم باعتبار الأغلب .
وطلب فاطمة عليهاالسلام الميراث يمكن أن يكون طلبا لحقّها من هذه الجهة ؛ حيث منعت من غيرها ؛ واللّه تعالى أعلم . قال والدي قدّس سرّه :
قد يقال : إنّ هذا الخبر يدلّ على ما ادّعاه الأوّل لأجل منع فاطمه عليهاالسلام ، والحال أنّ الأصحاب لم يتوجّهوا إليه .
ويمكن الجواب بأنّ المراد نفي التوريث من حيث النبوّة ، وأمّا من حيث غيرها فالميراث منهم . ويدلّ عليه إرث العلماء منهم ، فإنّه إنّما يتعلّق من حيث النبوّة ؛ حيث إنّ العلماء ورثة الأنبياء في هذا الخبر ، فلمّا ذكر عليه السلام ذلك أراد نفي إرادة توريث المال ، بل العلم .
انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه .
وبه تمّ ما رأيته بخطّه ـ قدّس سرّه ـ في مجموعة على هذه الأحاديث التي نقلت كلامه عليها ، وقد رأيته بعد ما كتبت مضمون ما تقدّم في حاشية المعالم ، وفّق اللّه لإتمامها ولكلّ ما له فيه رضى .