239
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۳.محمّد بن يحيى ، عن عبداللّه بن محمّد ، عن عليّ بن الحَكَم ، عن العلاء بن رَزينٍ ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي حمزةَ الثمالي ، قال :قال لي أبو عبداللّه عليه السلام : «اغْدُ عالما ، أو متعلّما ، أو أحِبَّ أهلَ العلم ، ولا تكن رابعا فتَهْلِكَ بِبُغْضِهم» .

قوله عليه السلام في حديث أبي حمزة : (اغْدُ عالماً ، أو مُتعلّماً ، أو أحِبَّ أهلَ العلم ، ولا تَكُنْ رابعاً فَتَهْلِكَ ببغضهم) .
يحتمل أن يكون المراد : إن قدرتَ على أن تكون عالماً فكن عالماً ، وإن لم تقدر على هذه المرتبة فكن متعلّماً ، فإن لم تقدر فكُنْ محبّاً لأهل العلم ،
ولا تكن رابعاً ، أي لاتكن مبغضاً لأهل العلم باعتبار تقسيم غير العالم والمتعلّم إلى محبّ ومبغض بقرينة قوله عليه السلام : «فتهلك ببغضهم» .
فلا يرد ما يحتمل أن يقال ، وهو أن يفرض ۱ قسم آخر غير محبّ ولا مبغض . وهذا القسم قد فهم من الأمر بالثلاثة النهي عنه وكذا المبغض ، لكن لمّا كان المبغض متحقّق الهلاك خَصَّه عليه السلام بالذكر . وهذا قد تناوله ۲ النهي الذي تضمّنه الأمر .
والهلاك في حقّه قد لا يكون متحقّقاً ؛ من حيث إنّه قد يعفو اللّه عنه ، أو أنّه مبنيٌّ على ما هو متعارف من طباع البشر من كون المرء عدوّ ما جهل والناس إلى أشباههم أميل ، فإذا خلا الإنسان من القسمين الأوّلين ، كانَ مقتضى طبعه البغض ، أو من الثلاثة فكذلك ، فلا يكاد ۳
حينئذٍ يتحقّق من يخلو من المحبّة والبغض ، فترك ذكره عليه السلام لذلك ، واللّه أعلم .
ويحتمل أن يكون المراد من قوله عليه السلام «اغد عالماً ...» الأمر بتحصيل هذه المرتبة الشريفة ، فإن قصرت في هذا التحصيل والوصول إلى هذه المرتبة ، فحصّل ما دونها وهو التعلّم ، فإن قصرت همّتك عن الأمرين ، فكن من القسم الثالث ، ولا تضيّع ما يراد منك بالكلّيّة، ولا تصل إلى المرتبة الرابعة فتهلك بسببها.والخطاب حينئذٍ لمن يقدر على ما ذكر.
وفيه تأمّل .
ومن الاحتمالين يظهر ثالث يتعلّق الخطاب فيه بالقسمين باعتبار ما يناسب حال كلّ واحد .
وقد يستفاد من هذا الحديث أنّ من كان مقصّراً في تحصيل العلم والتعلّم قد ينفعه حبّ العلماء في الجملة ، وربما يعفواللّه عنه بسبب ذلك ، ولكنّه لا يخرج به عن الغثاء ، كما يدلّ عليه الحديث السابق والآتي . وكذا من لا يتيسّر له ذلك أو لا يقدر عليه وإن كان معذوراً ، فإنّه خال من النفع كالغثاء .
ويحتمل خروج المحبّ لأهل العلم عن الغثاء الصِرْف بنفعه لنفسه بالمحبّة في الجملة ، لا عن مطلق الغثاء .
وفيه تأمّل .
ولا شبهة في أنّ محبّ العالم الحقيقي حقّ المحبّة لا يكون إلاّ من محبّيهم وشيعتهم فقد ينفعه ذلك ، وغير محبّهم وإن كان بصورة العالم والمتعلّم والمحبّ له خارجٌ عمّا ذكر ، ولا شبهة في بغضهم لأهل العلم الحقيقي ، فيكونوا من الهالكين ؛ واللّه أعلم بمقاصد أوليائه .

1.في «ب» : «نفرض» .

2.في «ألف ، ب» : «قد يتناوله» .

3.في «ألف ، ب» : «ولا يكاد» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
238

۲.الحسين بن محمّد الأشعريّ ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أحمدَ بن عائذ ، عن أبي خديجةَ سالِمِ بن مُكْرَمٍ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال :«النّاسُ ثلاثَةٌ : عالمٌ ، ومتعلّمٌ ، وغُثاءٌ» .

قوله عليه السلام في حديث أبي خديجة : (الناسُ ثَلاثةٌ : عالِمٌ ومُتعلِّمٌ وغُثاءٌ) .
الظاهر أنّ المراد بالعالم العالم الحقيقي الذي ينصرف إليه العالم عند الإطلاق ، وذلك هم عليهم السلام ، كما في حديث جميل : «فنحن العلماء» ۱ . ومَن تعلّم منهم يكون عالماً ، كما في حديث أبي حمزة : «اغْدُ عالماً» ۲ . وقد يكون عالماً ومتعلّماً باعتبارين .
والجاهل المدّعي العلم أو التعلّم داخل في الغثاء ، وإن كان بصورة العالم أو المتعلّم .
وعن النهاية : «الغثاء» ـ بالضمّ والمدّ ـ ما يجيء فوق السيل ممّا يحمله من الزبد والوسخ وغيره . وفي حديث الحسن «هذا الغثاء الذي كنّا نحدّث عنه» يريد به أراذلَ الناس وسَقَطَهم ؛ انتهى . ۳
وفي القاموس : «الغثا» كغُراب وُزنّار : القَمْش ، والزَّبْدُ والهالكُ ، والبالي من ورق الشجر المخاط زَبَدِ السيل ؛ انتهى ۴ .
فهو مستعار ممّا ذكر للمناسبة بينهما .
ويمكن أن يكون مأخوذاً من غَثَا السيلُ المرتَعَ يَغْثوه غَثْواً : إذا جمع بعضه إلى بعض وأذهَب حلاوتَه .
والمناسبة هنا أيضاً ظاهرة ، لكنّه موقوف على استعمال الغثاء بهذا المعنى ، فإنّه لم يذكر في الصحاح سوى ما نقل هنا . ۵

1.الكافي ، ج ۱ ، ص ۳۴ ، باب أصناف الناس ، ح ۴ .

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۳۴ ، باب أصناف الناس ، ح ۳ .

3.النهاية ، ج ۳ ، ص ۳۴۳ (غثا) .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۶۸ (غثا) .

5.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۴۳ (غثا)ء .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 97446
صفحه از 715
پرینت  ارسال به