251
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۳.عدّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد البرقيّ ، عن إسماعيل بن مِهرانَ ، عن أبي سعيد القمّاط، عن الحلبيّ، عن أبيعبداللّه عليه السلام ، قال:«قال أميرالمؤمنين عليه السلام : ألا اُخبِرُكم بالفقيه حقّ الفقيه؟ من لم يُقَنِّطِ الناسَ من رحمة اللّه ، ولم يُؤمِنْهم من عذاب اللّه ، ولم يُرخّصْ لهم في معاصي اللّه ، ولم يَتركِ القرآنَ رغبةً عنه إلى غيره ، ألا لا خيرَ في علم ليس فيه تَفَهُّمٌ ، ألا لا خيرَ في قراءةٍ ليس فيها تدبُّرٌ ، ألا لا خيرَ في عبادةٍ ليس فيها تَفكُّرٌ» .

قوله عليه السلام في حديث الحلبي : (ألا اُخْبِرُكُم بالفقيهِ حَقِّ الفقيهِ) .
«حقّ» صفة للفقيه الذي قبلها ، ويحتمل البدل ، وقد كان في الأصل صفة للفقيه الذي بعدها والأصل : «بالفقيه الفقيه الحقّ» من باب رجل عدل ، فيكون حينئذٍ بدلاً أو عطف بيان . والظاهر عدم اشتراط المطابقة في مثل هذه الإضافة بين الصفة والموصوف في الاُمور المشهورة فيهما مع عدم الإضافة .
ويحتمل «حقّ» القطع والنصب بتقدير «أعني» ونحوه ، أو الرفع بتقدير «هو» .
قوله عليه السلام فيه : (ولم يَتْرُكِ القرآنَ رغبةً عنه إلى غيره) .
قيد الترك بالرغبة عنه إلى غيره للاحتراز عمّا لو ترك لمانع وعذر .
والمعنى : أنّ الفقيه لا يترك القرآن لأجل الرغبةً عنه ، أي الزهد فيه وعدم الاعتناء به منتهياً في الرغبة أو مائلاً إلى غيره بحيث يكون راغباً فيه دونه . وذكر «إلى غيره» للتوضيح وبيان أنّ الغير قد يكون فعلاً وقد يكون تركاً ونحوهما ، والكلّ غير الاشتغال بالقرآن .
وترك القرآن يحتمل أن يكون المراد به ترك العمل بأحكام القرآن رغبةً عنه إلى العمل بغيره من الهوى والرأي والاستحسان .
ويحتمل أن يكون المراد ترك تلاوته للرغبة عنه إلى غيره ممّا لا ينبغي تركه لأجله ، فإذا ترك شيئاً من أحكامه أو غيرها ولم يكن عالماً به ، لم يكن خارجاً عن صفة الفقيه مع عدم التقصيرُ أو ترك تلاوته لعذر كان كذلك .
ويحتمل أن يراد بترك القرآن ترك تعلّمه لأجل الرغبة في غيره ، فلو كان لعذر ۱ لم يكن كذلك .
لكنّه بعيد من الفقيه .
ويحتمل أن يكون فائدة قوله عليه السلام : «إلى غيره» الاحتراز عمّا لو ترك القرآن لا رغبةً عنه إلى غيره ، بل لاحتياجه إلى الغير ورغبته ۲ فيه لذلك . والرغبة في الغير أعمّ من الرغبة عن القرآن .
ولعلّ هذا أوجه وأنسب ، وهو ينطبق على ترك التلاوة في الجملة لشغل بغيرها يجب عليه الاشتغال به أو يجوز الرغبة فيه ، وعلى ترك الأحكام التي لا يمكنه تحصيلها ، وقد ينطبق على ترك التعلّم . وفيه مامرّ ؛ واللّه تعالى أعلم .

1.في «د» : «العذر» .

2.في «ألف ، ب ، ج » : «رغبة» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
250

۲.عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونسَ ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحارث بن المغيرة النصريّ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه عزَّ وجلَّ :« إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـاؤُاْ » قال : «يعني بالعلماء من صَدَّقَ فعلُه قولَه ، ومن لم يُصَدِّقْ فعلُه قولَه فليس بعالم» .

قوله عليه السلام في حديث الحارث بن المغيرة : (يَعني بالعلماءِ مَن صَدَّقَ فِعلهُ قولَه ، ومن لم يُصَدِّقْ فعلُه قولَه فليس بعالمٍ) .
الظاهر أنّه ليس المراد من تصديق الفعل للقول وعدم تصديقه الصدقَ والكذب فقط ، بل يشمل ۱ ما إذا أمر بشيء أو نهى عنه أو ذكر موعظة ونحو ذلك ممّا يقتضيه العلم والعمل ، فإن فعَل به مع القول كان عالماً ، وإلاّ فهو ليس ممّن يستحقّ التسمية بالعالم ، فإنّه لا يسمّى به إلاّ من كان محصّلاً لمعناه ؛ أو أنّه ليس بعالم ينتفع بعلمه ، كما يقال : فلانٌ ليس بعاقل : إذا لم يعمل بمقتضى عقله ؛ واللّه أعلم .

1.في «ألف ، ج ، د» : «ما يشمل» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 97485
صفحه از 715
پرینت  ارسال به