279
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۸.محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن عبداللّه بن محمّد الحَجّال ، عن بعض أصحابه ، رَفَعَه ، قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «تَذاكروا وتَلاقوا وتَحدّثوا ، فإنَّ الحديثَ جِلاءٌ للقلوب ، إنَّ القلوبَ لترينُ كما يَرين السيفُ ، وجلاؤها الحديث» .

قوله صلى الله عليه و آله في حديث الحَجّال : (تَذاكَروا وتَلاقوا وتَحَدَّثوا ، فإنّ الحديثَ جلاءٌ للقلوبِ ، إنّ القلوبَ لَتَرِينُ كما يَرينُ السيفُ ، جلاؤه۱الحديدُ)۲ .
جملة «جلاؤه الحديد» من المبتدأ والخبر صفة للسيف ؛ لكون اللام فيه للجنس . والحال وإن جازت في مثل هذه اللام ، إلاّ أنّها هنا لا تستقيم . ويحتمل أن تكون مستأنفة ، كأنّه قيل : ماجلاؤه؟
والأوّل أربط وأنسب بالتشبيه .
وكون السيف يجلى بالحديد ظاهرٌ .
والمراد من الحديث هنا الحديث المعهود ، لا مطلق الحديث ؛ وهو ظاهر .
و«الرين» الدنس ، يقال : رانَ على قلبه ذنبه ، يرين ، ريناً ، وريوناً : غلب .
والمعنى هنا أنّ القلوب تصدى كما يصدى السيف ، ويجلى صداها بالحديث كما يجلى صدا السيف بالحديد .
والواو في «تذاكروا وتلاقوا وتحدّثوا» للجمع المطلق ، ويحتمل باعتبار الترتيب الذكري أن يكون الأمر بالمذاكرة مطلقاً ، ويكونَ الأمر بالتلاقي للحديث ؛ واللّه أعلم .

1.في الكافي المطبوع وكثير من نسخ الكافي : «وجلاؤه» .

2.كذا في كثير من نسخ الكافي . وفي الكافي المطبوع وبعض نسخه : «وجلاؤها الحديث» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
278

۷.محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سِنان ، عن أبي الجارود ، قال :سمعتُ أبا جعفر عليه السلام يقول : «رَحِمَ اللّه ُ عبدا أحيا العلمَ» . قال : قلت : وما إحياؤه؟ قال : «أن يُذاكِرَ به أهلَ الدين وأهلَ الورع» .

قوله عليه السلام في حديث أبي الجارود : (رَحِمَ اللّه ُ عبداً أحيا العلمَ . قال : قلت : وما إحياؤه؟ قال : أن يُذاكِرَ به أهلَ الدينِ وأهلَ الوَرَعِ) .
فيه دلالة على أنّ غير أهل الدين وأهل الورع لا ينبغي بذل العلم ومذاكرته لهم.
والظاهر أنّ المراد بأهل الدين أهل الديانة والتقوى ، لا المقابل للمخالف في الدين . ووجهه أنّ غير أهل الدين بالمعنى المذكور وأهل الورع لم يحفظوه على وجهه ، وربما خانوا ۱ فيه ، أو اتّخذوه سلّماً للعروج إلى غير تقوى اللّه ، وسبباً لحطام الدنيا والاستطاعة على الناس .
وحينئذٍ فذكر الأهل مع الورع إمّا لإرادة قسم آخر من أهل الدين ، فيهم زيادة تقوى عن القسم الأوّل ، أو باعتبار وجه آخر مغاير في الجملة ، وإمّا لإرادة تفسير أهل الدين بأهل الورع ، لا تفسير الدين بالورع ، وإن كانت الفائدة تظهر في المضاف فقط ؛ فليفهم .
ويحتمل أن يراد بأهل الدين أهل الإيمان بشرط أن يكونوا من أهل الورع ؛ للاحتراز عمّا ذكر سابقاً ، أو أهل الدين يتفرّس فيهم الانتفاع بالعلم والخروج به عن الجهل .
وهذا قريب ممّا تقدّم ، وأهل الورع قد علموا .
ويحتمل أن يكون بمعنى «أهل الدين والورع» وإظهار ۲ المقدّر لنكتة .
وهذه الأوجه مبنيّة على قراءة «يُذاكر» مبنيّاً للمفعول ، وعلى قراءته مبنيّاً للفاعل فالمعنى أنّ أهل الدين والورع بأيّ وجه اعتبرا ممّا تقدّم إذا تذاكروا به ، فتذاكرهم إحياءٌ للدين ، وأمّا غيرهم فمذاكرتهم بالعلم لا تكون إحياءً له ، فإنّ حياة العلم بأن تكون المذاكرة بحيث لا يخرج بها عمّا يليق بالعلم والعمل به ، وغير أهل الدين لا يتذاكرون به على الوجه المذكور ؛ لعدم تقواهم وأمانتهم ، فيخرجوا العلم عمّا هو عليه ولا يعملوا به ، فيبقى العلم على ما كان عليه من عدم الانتفاع به الذي هو كمَوْتِه ، بل ربما زادوه موتاً ؛ واللّه أعلم .

1.في «ألف»« «خالفوا» .

2.في «ب ، ج ، د» : «باظهار» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 77875
صفحه از 715
پرینت  ارسال به