285
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۳.محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن أبي عُبيدةَ الحذّاء ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال :«مَن أفتى الناسَ بغير علمٍ ولا هُدًى لَعَنَتْه ملائكةُ الرَّحمة وملائكةُ العذاب ، ولَحِقَه وِزرُ من عمل بِفُتْياه» .

قوله عليه السلام في حديث أبي عبيدة : (مَن أفتى الناسَ بغير علمٍ ولا هُدًى لَعَنَتْه ملائكةُ الرحمة وملائكةُ العذابِ ، ولَحِقَه وِزْرُ مَن عَمِلَ بِفُتْياه) .
في قوله عليه السلام «ولا هدى» تنبيه على أنّ العلم وحده غير كاف في جواز الإفتاء ، بل لا بُدّ معه من الهدى .
والظاهر أنّ المراد به التقوى والورع ونحوهما ، فإنّ العالم غير المهتدي لا يتخرّج عن الإقدام على مالا يجوز ، وظاهره أنّه لا يجوز له أن يفتي وإن كانت فتواه موافقة للصواب ، ولا يجوز العمل بفتواه كذلك ؛ لأنّ المراد ـ واللّه أعلم ـ من أفتى الناس من غير أن يجمع بين الأمرين : العلم والهدى ، لا من غير أن يكون عنده أحدهما .
ففي الحديث دلالة على اشتراط العدالة التي اشترطت في المفتي ، فإنّ غير العدل لاهدى عنده ، فلا عمل بعلمه .
وقوله عليه السلام : «ولحقه وزر من عمل بفتياه» يشمل من عمل بفتياه عالماً بعدم أهليّته ، وغير عالم ؛ فالأوّل يلحقه مثل وزره ، والثاني إن كان مقصّراً احتمل أن يكون مثله ، وإن كان غير مقصّر فالوزر الذي يلحق العامل بالفتوى العالم ونحوه يحتمل أن يلحق المفتي .
وفي لفظ «لحقه» إشعارٌ بأنّه يضاف هذا الوزر إلى ما عليه من وزر الفتوى وإن لم يشعر به ، فوزره معلوم من محلّ آخر ، مع احتمال لحوق هذا الوزر وحده مع اللعن ؛ واللّه أعلم .
والباء في قوله : «بغير» يحتمل أن تكون بمعنى «عن» ، وأن تكون للسببيّة ، وأن تكون لتعدية المتعدّي إلى الثاني بإرادة الجهل من غير العلم والهدى .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
284

باب النهي عن القول بغير علم

۱.محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ وعبداللّه ابنَي محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن مفضّل بن يزيد ، قال : قال لي أبو عبداللّه عليه السلام :«أنهاكَ عن خصلتين فيهما هلاك الرجال : أنهاك أن تَدينَ اللّه َ بالباطل ، وتُفتِيَ الناسَ بما لا تَعلمُ» .

۲.عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونسَ بن عبدالرَّحمن عن عبدالرَّحمن بن الحَجّاج قال :قال لي أبو عبداللّه عليه السلام : «إيّاك وخصلتين ففيهما هلك من هلك : إيّاك أن تُفِتيَ الناسَ برأيك ، أو تَدينَ بما لا تَعلَمُ» .

باب النهي عن القول بغير علم

قوله عليه السلام في حديث مفضّل بن يزيد : (أنهاكَ عن خصلتين فيهما هلك الرجال : أنهاك أن تَدينَ اللّه َ بالباطل ، وتُفْتِيَ الناسَ بما لا تَعلمُ) .
المعنى ـ واللّه أعلم ـ : أنهاك عن أن تكون أعمالك وأقوالك التي تتعلّق بالدين مبنيّة على غير أساس ، بأن تكون مأخوذة على غير وجهها ، ومن غير من ينبغي الأخذ عنه ، أو لم تكن مأخوذة عن أحد ؛ فيكون التديّن بها باطلاً . ومثله فتواك الناس بمالا تعلم ، سواء علمت ما تفتى به على غير وجهه ومن غير أهله ، أم لم تكن عالما .
ولا تنظر إلى ما يقصده الجُهّال من الإقدام على مثله لدفع أن يقال : فلان لا يعلم فتنسب إلى الجهل ، وهذا عين الجهل ؛ فإنّ ثمرته توقع رفع اسم الجهل وتحصيل ثمرته التي هي الوبال والعقاب .
وقوله عليه السلام في الحديث الذي بعده : (إيّاك أن تُفْتِيَ الناس برأيك ، أو تَدينَ بما لا تَعلَمُ) توضيح لهذا الحديث ، والمعنى واحد .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 98066
صفحه از 715
پرینت  ارسال به