311
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
310

۷.عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عمَّن ذكره ، عن محمّد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، قال :سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : «إذا سَمِعتم العلمَ فاستَعْمِلوه ، ولْتَتَّسِعْ قلوبُكم ؛ فإنّ العلمَ إذا كَثُرَ في قلب رجل لا يحتمله قَدِرَ الشيطانُ عليه ، فإذا خاصَمَكم الشيطانُ فأقْبِلوا عليه بما تَعرفونَ ؛ فإنَّ كيدَ الشيطانِ كانَ ضعيفا» . فقلت : وما الذي نَعرِفُه؟ قال : «خاصِموه بما ظهَر لكم من قدرة اللّه عزّ وجلّ» .

قوله عليه السلام في حديث عبدالرحمن بن أبي ليلى : (إذا سَمِعْتُم العلمَ فاستعملوه وَلْتَتَّسِعْ قلوبُكم ، فإنّ العلمَ إذا كَثُرَ في قلب رجلٍ لا يَحتَمِلُه قَدَرَ الشيطانُ عليه ، فإذا خاصَمَكم الشيطانُ فأقْبِلوا عليه بما تَعرِفونَ ، فإنّ كيدَ الشيطانِ كانَ ضعيفاً . قلت : وما الذي نعرفه؟ قال : خاصِموه بما ظَهَرَ لكم من قُدرةِ اللّه ِ عَزَّ وجَلَّ) .
معناه ـ واللّه أعلم ـ أنّكم إذا سمعتم العلم وأخذتموه من أهله فاعملوا به وإن لم يظهر لكم وجهه كلّه ، وكلّفوا قلوبكم حمله والتسليم له وإن لم تطّلعوا على ذلك ، فإنّ العلم إذا كثر في قلب رجل لا يتكلّف حمله ، ولا يسلم لما لم يفهم وجهه ، قدر عليه الشيطان ، فأبرز له شبهات وتشكيكات ، خصوصاً فيما لم يعلم وجهه ، فأخرجه عن كونه حاملاً له وأنكره ، بخلاف من سمع العلم من أهله وعمل به وتحمّله من غير أن ينظر إلى ما يلحقه من الشبهة ، فإنّه يكون حاملاً له حملاً لا يزيله عنه الشيطان .
ثمّ إنّه عليه السلام علّم حملة العلم ما يقدرون به على دفع كيد الشيطان ، فإنّ كيده
ضعيف يقدر الإنسان على دفعه بأن يخاصمه بما ظهر له من قدرة اللّه عزّ وجلّ التي لا تدخل عليه من جهتها الشبهة ، ويترك ما لم يظهر له ، فإذا خصمه بذلك اكتفي شرَّه ، وإذا وسوس إليه بما فيه شبهة دَفَعَه بالظاهر الجليّ من قدرته تعالى ولم يلتفت إلى غيره ، وإذا أتى بما يدلّ على قدرته تعالى قَدَرَ أن يدفعه عمّا فيه شبهة ، كأن يقول له ـ مثلاً ـ : من كانت هذه قدرته لا يعجز عمّا أخبرنا به المخبر الصادق وان لم نعلم وجهه ، أو هذا أخبرنا به الصادق فهو حقّ وإن لم نعلم وجهه ، وكما لو وسوس إليه بما يقتضي نفي الصانع ، فأجابه بأنّ هذا العالم ونظامه وإتقانه وإحكامه لا يكون إلاّ بمؤثّر ، ولا يلتفت إلى ما سوى ذلك من الشبهات . وأمثلة هذا كثيرة . فهذا معنى حمل العلم والتسليم والانقياد له .
فقوله عليه السلام : «فإذا خاصمكم ...» تعليم لمن يحمل العلم بالمحافظة على حمله به مع ما تقدّم .
وأمّا من لم يحمل العلم فإنّ الشيطان يأتيه من قِبَلِ ما فيه شبهة ، فإذا خاصمه به كان الشيطان أقدرَ على ترويج الشبهة منه ، فإنّ علمه لا أساس له يرجع إليه ويعتمد عليه ؛ لحمله من غير أهله ، فالعلم ما كان من أهل العلم عليهم السلام .
ومن هذا الكلام الشريف يظهر أنّ أصل العقائد الفاسدة والآراء السخيفة هو ما يلقّيه الشيطان إلى أهلها ويحسّنه عندهم فيتّبعونه ، ولو حملوا العلم على الوجه الذي اُمروا به لما وقعوا في لجج الضلال .
واللام في «لتتّسع» لام الأمر ، والمعنى : لتتّسع قلوبكم لحمله ، أو له . وحذفه لدلالة المقام وما يأتي عليه .
و«لا يحتمله» صفةٌ ل «رجل» ، و«قدر» جزاء الشرط .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 95712
صفحه از 715
پرینت  ارسال به