337
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.الرجال بتذاكُرِ العلمِ وصفة الحلمِ ، قد تَسَرْبَلَ بالخشوع ، وتَخَلّى من الورع ، فَدَقَّ اللّه ُ من هذا خيشومَه ، وقَطَعَ منه حَيزومَه ، وصاحبُ الاستطالة والخَتْلِ ذو خِبٍّ ومَلَقٍ ، يَستطيلُ على مِثْله من أشباهِهِ ، ويَتواضَعُ للأغنياء من دونه ، فهو لحلوائهم هاضِمٌ ، ولدينه حاطِمٌ ،

وقوله عليه السلام : (قد تَسَرْبَلَ بالخشوع) أي تلبّس به وجعله كالسربال ، وهو القميص ، أو الدرع ، أو كلّ ما لبس ۱
، فقد جعل هذا السربال شاملاً لبدنه حرصاً على إظهاره والتلبّس به .
ولمّا كان الخشوع يحصل كثيراً بالأعضاء التي تظهر للحسّ وقد يكون تصنّعا عبّر عليه السلام به ، بخلاف الورع ، فإنّه ممّا يظهر بأثره ، فلهذا قال عليه السلام : (وتَخَلَّى مِنَ الوَرَعِ) .
وفي «تخلّى» إشارةٌ إلى أنّه لم يحصل من الورع على شيء أصلاً . ويمكن أن يكون المراد وَصْفه بالخشوع الخالي من الورع ، فإنّ الخشوع لا يعتدّ به ، إلاّ إذا كان مقرونا بالورع .
(فَدَقّ اللّه ُ من هذا خَيْشُومَه) .
في القاموس : دقّه : كسره أو ضربه فهشمه ۲ ؛ انتهى .
و«الخيشوم» أقصى الأنف ۳ . و«الحيزوم» وسط الصدر وما يضمّ عليه الحِزام ۴ .
والفقرتان دعاء منه عليه السلام على هذا الطالب .
و«الخِبّ» بالكسر الخداع والخبث والغشّ ، ورجل خَِبّ بالفتح والكسر ۵ .
(يَستطيلُ على مثله من أشباهه) أي على الطالب مثله للجهل والمراء الكائن من أمثاله ، فإنّ القسم الثالث لا يليق به أن يكالم هذا ويباحثه ليكون مستطيلاً عليه .
ويحتمل أن يكون المراد من أشباهه في كون ۶ كلّ منهما موصوفاً بالعلم وإن تغاير الوصفان .
(ويَتَواضَعُ للأغنياء مِن دونِه) أي يتواضع ۷ للأغنياء الذين هم دون هذا المتواضع من جهة العلم ونحوها كالشرف والنجابة ، أو الذين هم دون من يستطيل عليه في المرتبة المذكورة ، أو يتواضع للأغنياء من غير أن يتواضع لمن يستطيل عليه من أشباهه إرادة لسقوط محلّه من أعين الناس وحبّا لأن يكون متفوّقاً عليه ، وبالتواضع قد يتخيّل فيه خلاف ذلك ، أو يتواضع للأغنياء من غير أن يتواضع لهذا الذي يستحقّ التواضع بناء على الوجه الثاني المتقدّم . (فهو لحلوائهم هاضم) .
«الحلوا» يمدّ ويقصر ، وهو كناية عمّا يتناوله منهم من الحطام والاُكْل بسبب تملّقه لهم وعدم النظر فيما في ذلك من الخسّة والشبهة .
وفي ذكر الحلوا المتعلّقة بما يؤكل على وجه الميل الزائد تنبيهٌ على الخسّة من جهة اُخرى ، وهي قضاء شهوة البطن .
والهضم كنايةٌ عن كونه يأكله برغبة وميل زائد ، واشتهاء كاشتهاء من يهضم كلّ ما يأكله .
وفي هذا الفعل حطم لدينه ، وأصله الكسر للشيء اليابس . وفيه تنبيهٌ على أنّ هذا الكسر ككسر مالا يجبر ، فإنّ اليابس إذا كسر امتنع جبره .

1.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۷۲۹ (سربل) .

2.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۳۲ (دقق) .

3.المصباح المنير ، ج ۱ ، ص ۱۷۰ (خشم) .

4.المصباح المنير ، ج ۱ ، ص ۱۶۲ (حزم) .

5.النهاية ، ج ۲ ، ص ۴ (خبب) .

6.في «د» : «كونه» .

7.في «د» : - «يتواضع» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
336
  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 100108
صفحه از 715
پرینت  ارسال به