۷.الحسين بن محمّد الأشعريّ ، عن مُعلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور ، عن عبدالرحمن بن أبي نجرانَ ، عمّن ذكره ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال :«مَن حَفِظَ من أحاديثنا أربعينَ حديثا ، بَعَثَه اللّه ُ يومَ القيامة عالما فقيها» .
قوله عليه السلام في حديث عبدالرحمن بن أبي نجران : (من حَفِظَ من أحاديثنا أربعينَ حديثاً بَعَثَه اللّه ُ يومَ القيامةِ عالِماً فقيهاً) .
الظاهر أنّ المراد الحفظ عن ظهر القلب ، فإنّه المتعارف في الصدر السالف ، ويحتمل إرادة ما يشمل الحفظ على وجه جامع للشرائط من ضبط ونحوه .
وفي حديث رواه الصدوق قدّس سرّه : «من حفظ على اُمّتي أربعين حديثاً ممّا يحتاجون إليه في أمر دينهم ، بعثه اللّه ـ عزّ وجّل ـ يوم القيامة فقيهاً عالماً» ۱ . ونقله شيخنا البهائي طاب ثراه في أوّل شرح الأربعين .
وهو كما ترى مقيّد بما يحتاجون إليه في أمر دينهم ، فيمكن أن يقال بحمل المطلق على المقيّد ، أو أنّ اللّه سبحانه كما يعطي هذه المرتبة مع التقييد ، يعطيها مع الإطلاق .
فإن قلت : مفهوم الشرط في كلامه صلى الله عليه و آله يدلّ على أنّه مع الإطلاق لا يكون كذلك .
قلت : يمكن الجواب بأنّ الحديث المقيّد مرويّ عن النبيّ صلى الله عليه و آله ، والمطلقَ عن الصادق عليه السلام ولا بُعدَ في اقتضاء المصلحة في وقت تكلّم أحدهما الإطلاق ، وفي الآخر التقييد ؛ أو أنّ الثواب على الإطلاق حَصَلَ بعد الثواب على التقييد ، لتأخّره عنه ولو في
زمنه صلى الله عليه و آله ؛ أو أنّ الإطلاق ينافي كون مفهوم الشرط حجّة ؛ أو أنّ جميع الأحاديث محتاج إليها في أمر الدين ولو في الجملة ، والتقييد لمجرّد التوضيح ؛ فتأمّله .
وهذا مع قطع النظر عن الإرسال وتكافؤا الحديثين وعدمه .
ومعنى «بعثه عالماً فقيهاً» أنّ اللّه سبحانه بهذا القدر اليسير يبعثه في زمرة العلماء الفقهاء ، وإن لم يصل إلى مرتبة غيره ممّن زاد عنه . وظاهرٌ أنّ حافظ هذا المقدار إنّما يدخل في زمرة العلماء الفقهاء إذا كان قائماً بما يجب عليه ، وتاركاً لما يحرم ولو بتقليد .
ويحتمل أنّه بهذا القدر يكون في جملة العلماء ، ثمّ يلحقه ما يلحق مثله من العلماء من الثواب والعقاب .
وفيه تأمّل ؛ واللّه أعلم .
وقال شيخنا البهائي ـ رحمه الله ـ في الحديث الذي نقله «من حفظ على أُمّتي»:
الظاهر أنّ «على» بمعنى اللام ، أي حفظ لأجلهم كما قالوه في قوله تعالى : « وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَ?كُمْ »۲ أي لأجل هدايته إيّاكم . ويحتمل أن يكون بمعنى «من» كما في قوله تعالى : « الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ »۳ انتهى ۴ .
أقول : قد تقدّم وجه لطيف خطر لفكري الفاتر ينفع في مثل هذا المقام ، وهو أن يقال هنا : إنّ «حفظ» ضمِّن معنى «أملى» ونحوه ، فيفيد معنى الحفظ والإملاء بالتعدية بـ «على» ، والمعنى أنّه يحفظه وينفع به الاُمّة ، فمجرّد الحفظ غير كافٍ . وإذا تأمّلت مواقع التضمين تجدها كلّها أو أكثرها مفيدة لما ذكرتُه ، ومنه يظهر معنى التضمين . وإذا نظرت إلى قوله تعالى : « وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَ?ـكُمْ » تجد فيه من معنى التعليل ما ليس بظاهر في قوله صلى الله عليه و آله «على اُمّتي» . وكونها بمعنى «من» لا يفيد المعنى المذكور من كونه مع الحفظ ناشراً لما حفظ لينتفعوا به ؛ فتدبّر .