351
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۱۰.محمّدٌ ، عن أحمدَ ، عن ابن فضّال ، عن ابن بكير ، عن حمزةَ بن الطيّار ، أنّه عَرَضَ على أبي عبدللّه عليه السلام بعضَ خُطب أبيه ، حتّى إذا بلَغ موضعا منها ، قال له :«كُفَّ واسْكُتْ»

قوله في حديث حمزة بن الطيّار : (إنّه عَرَضَ على أبي عبداللّه عليه السلام بَعضَ خُطَبِ أبيه ، حتّى إذا بَلَغَ موضعاً منها ، قال له : «كُفَّ واسْكُتْ» . ثمّ قال أبو عبداللّه عليه السلام : «لا يَسَعُكم فيما يَنْزِلُ بكم ممّا لا تَعلمونَ إلاّ الكفُّ عنه والتَّثَبُّتُ والردُّ إلى أئمّة الهدى حتّى يَحمِلوكم فيه على القَصْدِ ، ويَجْلُوا عنكم فيه العَمى ، ويُعَرِّفوكم فيه الحقَّ ، قالَ اللّه ُ تعالى :« فَسْـئلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ »۱») .
هذا قريب من مضمون الحديث السابق ، وأمره عليه السلام بالكفّ والسكوت على وجه الزجر والمبالغة والتأكيد في الكفّ عند بلوغه ذلك الموضع ، إمّا لأنّه لم يرو الخطبة عند بلوغه على ما هي عليه ، أو لم يروها إلى ذلك الموضع على وجهها ، وكان كلامه له عند ذلك الموضع وعدم روايتها على وجهها بعدم ضبطها على وجهها ونحوه عمّن ينبغي الاعتماد على قوله ؛ أو أنّه عند بلوغ ذلك الموضع كان الكلام ممّا لا يظهر معناه والوقوف عليه إلاّ بتعليمهم عليهم السلام ، وكان من سمعه من غير تعليم ربما كان فهمه له باعثاً على اعتقاد مالا يجوز اعتقاده أو العمل به . فأمره عليه السلام بالكفّ عنه وقال : «لا يسعكم ... » بمعنى لا يسعكم في مثل هذا أن تتكلّموا فيه ولا في غيره ممّا ينزل بكم ، إلخ .
ويحتمل أن تكون الخطبة ليست من كلام أبيه عليه السلام واتّفق أن صبر بالأمر إلى أن بلغ ذلك الموضع . ويحتمل غير ذلك ؛ واللّه أعلم .

1.النحل (۱۶) : ۴۳ ؛ الأنبياء (۲۱) : ۷ .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
350

۰.خيرٌ من روايتك حديثا لم تُحْصِهِ» .

وقوله عليه السلام : «خيرٌ من روايتك حديثاً لم تحصه» ولم يقل : «خير من روايته» أو «من روايتك إيّاه» أو نحو ذلك ، كأنّه تنبيه وقرينة على إرادة ما تضمّنه لفظ «تروه» من المعنيين المذكورين ، ولو قال : «خير من روايته» ونحوه لم يظهر ذلك ؛ فافهمه واللّه أعلم .
فإن قلت : يمكن أن يكون المعنى : إنّ ۱ تركك حديثاً لم تروه بطريق من طرق الرواية خيرٌ من روايتك حديثاً لم تحفظه ولم تضبطه ، فيكون الحديث الثاني غير الأوّل ، فلِمَ لم يحمل عليه؟
قلت : هذا كلام ظاهري منظور فيه إلى قالب اللفظ ، ساقط بحسب المعنى والربط عن درجة الاعتبار ، فإنّ قولك : «تركك أكل مال زيد خير لك من أكل مال عمرو الحرام أو المشتبه» ممّا يتنزّه عن مثله كلام أهل الذوق السليم ، فكيف بكلام الإمام عليه السلام ، مع أنّ المقام وسياق الكلام يقتضيان أنّ الكلام على وتيرة واحدة ، وأنّ ترك الشيء خيرٌ من فعله ، لا التمييز بين فعلين متغايرين لا ربط لأحدهما بالآخر ، فإنّ التفضيل في مثلهما ينظر فيه إلى أنّ هذا له جهة حسن أقوى من الآخر ، فيرجّح عليه لتلك الجهة ولكن في غير مثل هذا المقام ، كما إذا قلنا مثلاً : جلوس زيد أحسن من أكله ، إذا كان جلوسه مشتملاً على هيئة حسنة وأدب بخلاف الأكل . وفرقٌ بين قولنا : هذا الفعل خيرٌ من هذا الفعل ، و [ قولنا ] : هذا الفعل الذي تفعله خير لك من كذا ؛ فتدبّر ، واللّه أعلم .

1.في «ألف ، ب» : - «إنّ» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 97429
صفحه از 715
پرینت  ارسال به