۷.عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ؛ وعن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال :قال أميرالمؤمنين عليه السلام : «إذا حَدَّثْتم بحديث فأسْنِدوه إلى الذي حدّثَكم ، فإن كان حقّا فلكم ، وإن كان كذبا فعليه» .
قوله عليه السلام في رواية السكوني : (إذا حَدَّثْتُم بحديثٍ فَأَسْنِدوُه إلى الذي حَدَّثَكُم ، فإن كانَ حَقّاً فلكم ، وإن كانَ كَذِباً فعليه) .
يجوز كون «حدّثتم» مبنيّا للفاعل ، والمعنى : إذا حدّثتم غيركم بحديث ، فقولوا مثلاً : قال فلان ، أو نروي عن فلان عن الصادق عليه السلام ، ولا تقولوا : قال الصادق عليه السلام و لا يُروى عن الصادق عليه السلام من غير ذكر الواسطة .
ويجوز كونه مبنيّاً للمفعول ، والمعنى : إذا حدّثكم غيركم فأسندوه إليه أوّلاً إذا حدّثتم غيركم به . وهو ظاهر ، فإن كان ما حدّثكم به حقّاً فلكم أجره وثوابه ، أو فالحقّ لكم ، وقد وصل إليكم .
والظاهر أنّ الخطاب غير مختصّ بالطبقة الاُولى ، بل يجري في جميع الطبقات . فينبغي ذكر جميع الرواة . وفيه دلالة على عدم جواز الإرسال في الجملة . وإن كان كذباً فعليه وزره وعقابه ، وليس عليكم منه شيء .
وفي «عليه» دلالة ما على دخول المحدّث حقّاً تحت من يستحقّ الثواب ، مع دلالة القرينة الحاليّة على دخوله تحت الخطاب في «لكم» وإن كان ظاهره متعلّقاً بغيره .
أو أنّ المعنى : فلكم ثواب روايته وعملكم به . وهو لا ينافي ثوابه على روايته والعمل به ؛ فتأمّل .
فإن قلت : في هذا الحديث دلالة على جواز رواية الحديث عمّن لا يعلم صدقه ويجوز كذبه ، ففيه رخصة في العمل بحديث مثل هذا وروايته عنه .
قلت : قد دلّ غير هذا الحديث من الأحاديث وغيرها على اشتراط العدالة ونحوها ، فيحمل هذا على كون الراوي عدلاً ، والعدالة لا يستحيل معها احتمال الكذب ، ولكن قد ينافي في الجملة اشتراط العدالة الباطنيّة مع بقاء الاحتمال في الجملة .
نعم ، فيه دلالة على جواز رواية مثله والعمل بها وإن كانت في الواقع كذباً ؛ فهو رخصة لنا منهم عليهم السلام كما في غيره ممّا هو على وجه التقيّة ، وكما في حديث «من بلغه شيء من أعمال الخير» ۱ .
فإن قلت : يمكن أن تكون الرخصة متعلّقة بالرواية فيما يجوز فيه الكذب ، دون العمل .
قلت : هذا في غاية البُعد ، وفيه سدّ باب العمل بالأحاديث المبنيّة على الظنّ ، والظاهر أنّ الكتب المشهورة المدوّنة لاتكاد تخلو من هذا الاحتمال ، اللهمّ إلاّ أن يكون حصل بها القطع عند مضيقها ونحوهم ، فيؤول الأمر إلى العمل بالظنّ ، ومن ادّعى القطع فيها كلّها لم يتجاوز الدعوى ، ولو سلّم كون جميعها صادراً عن المعصوم على سبيل القطع ، فأيّ قطع يحصل من دلالة جميع متونها ليخرج به الإنسان عن العمل بالظنّ ، ويعمل بحكم اللّه في الواقع في جميع الأحاديث ؟ والتكليف الآن بغير الظنّ فيما لم يثبت فيه القطع تكليفٌ بما لا يطاق ؛ واللّه أعلم .