423
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.رَكّابُ شبهاتٍ ، خبّاطُ جهالاتٍ ، لا يَعتذِرُ ممّا لا يعلم فيسلم ، ولا يَعَضُّ في العلم بضِرْسٍ قاطِعٍ فيَغْنَمَ ، .........

«رَكّابُ شبهاتٍ ، خبّاط جهالاتٍ» .
في الصحاح : خبط البعير الأرض بيده : ضربه ، ومنه قيل : خبط عشواء ، وهي الناقة التي في بصرها ضعف تخبط إذا مشت ۱ . وهذا كثير الركوب للشبهات وكثير الخبط للجهالات ، أو في الجهالات .
وإضافة «ركّاب شبهات» لفظيّة أو معنويّة ، و«خبّاط جهالات» معنويّة ، ويجوز كونها لفظيّة ، والمعنويّة في الأوّل لاميّة وفي الثاني كمكر الليل ، ويجوز كونها لاميّة .
«لا يعتذر ممّا لا يعلم» بأن يقول : لا أعلم «فيسلم» من خطر القول بغير الحقّ .
«ولا يَعَضّ على۲العلم بضرس قاطع» فيكون قوله بالحقّ ولا يحتاج إلى الاعتذار «فيَغْنَمَ» ثواب العالم . وهو كناية عن كونه لم يُتْقِنه ولم يُحكم الاُمور ، كما في النهاية ۳ .
وفي مختصر الشرح : «هو كناية عن عدم إتقانه للقوانين الشرعيّة ، وأصله أنّ الإنسان يمضغ الشيء ثمّ لا يُجيد مضغه» ؛ انتهى ۴ .
أقول : كلام الشرح والنهاية مبنيّ على ما هو المشهور من توجّه النفي إلى القيد إذا وقع المنفيّ مقيّداً ، وهو الظاهر من مثل هذا المقام ، فإنّ المعنى أنّ من هذا شأنه يكون ما عنده من مسمّى العلم وتمويه كونه علماً مثل ما يلوكه ۵
من لا ضرس له أو من له ضرس لا يقطع شيئاً ، فكلامه في العلم كحركة فمِ مَن هذا شأنه ، فإنّه وإن حرّكه أضعاف ما يحرّك ذوالضرس القاطع لا تحصل منه فائدةُ تقطيع المأكول على وجه جيّد ولا غيره ، ومن فعل ذلك حصل الغنيمة وهي فائدة العلم وأصله وثمرته ، كما يحصّل الماضغ بالضرس القاطع الفائدة من المضغ ؛ فتوجّه النفي إلى القيد من جهة دخول ما حصّله هذا في مسمّى العلم في الجملة .
فإن قلت : توجّه النفي إلى القيد ليس كلّيّاً،فإنّه قد لا يتوجّه إليه ، كما في قولك: زيد لا يحبّ المال محبّةً للفقر ، فهل يتوجّه النفي ۶ هنا إلى القيد كما في المثال؟
قلت : ماهنا ليس من هذا القبيل ، فإنّ المقام يدلّ على أنّ عند هذا مسمّى العلم ولو بحسب اعتقاده .
نعم ، قد يحتمل المقام نفي أصل العضّ مع القيد بالنسبة إلى من لم يكن عنده آثاره من علم ، ويكون هذا الرجل من هذا القبيل .
وفيه تأمّل . والوجه ما تقدّم .

1.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۱۲۱ (خبط) .

2.كذا في النسخ ، وذكر المؤلّف هذه الفقرة قبل ذلك ، وفيه : «في» بدل «على» ، وهو مطابق للكافي المطبوع وكثير من نسخه .

3.النهاية ، ج ۳ ، ص ۸۴ (ضرس) .

4.اختيار مصباح السالكين ، ص ۱۱۴ .

5.«اللَّوْكُ» : إدارة الشيء في الفم ، وقيل : هو مضغ الشيء الصُّلْب الممضغة تديره في فيك . راجع : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۴۸۴ ؛ مجمع البحرين ، ج ۵ ، ص ۲۸۷ (لوك) .

6.في «د» : - «النفي» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
422

۰.فهو مفتاح عَشَواتٍ ، .........

«فهو مفتاح عشوات» . في النهج : «ركّاب عشوات» .
وعن النهاية : «العشوة» ـ بالضم والفتح والكسر ـ : الأمر المتلبّس ۱ ، وأن تركب أمرا بجهل لا يعرف وجهه ؛ مأخوذ من عشوة الليل وظلمته ، ويجمع على «عشوات» . ومنه حديث عليّ عليه السلام : «خبّاط عشوات» وهو الذي يمشي في الليل بلا مصباح فيتحيّر ويضلّ وربما تردّى في بئر ۲ ؛ انتهى ۳ . وفي مختصر الشرح :
العشوة مصدر قولك : عشوت ضوء النهار إذا تبيّنته على ضعف ، وأراد أنّه لا يستليح ۴ نور الحقّ في ظلمات الشبهات إلاّ على ضعف لنقصان ضوء بصيرته ؛ انتهى ۵ .
ومعنى ماهنا ـ واللّه أعلم ـ أنّ الاُمور المجهولة الملتبسة المظلمة مقفولة على من يريد الوصول إليها وارتكابها أو مطلقا ، وهذا الرجل مفتاح لقفلها ، فكما أنّ المفتاح بسببه يحصل الدخول إلى ما يفتح قفله ونحوه ، فكذا هذا به وباتّباعه يقع هو في هذه الأشياء ويوقع غيره ؛ فهو مفتاح لنفسه ولغيره .
ويحتمل إرادة غيره فقط من جهة أنّه مفتاح ، ومن كونه مفتاحاً يظهر ما يلزمه ويترتّب عليه وله .

1.كذا في النسخ ، وفي المصدر : «الملتبس» .

2.في «ج» : + «ونحوه» .

3.النهاية ، ج ۳ ، ص ۲۴۲ (عشو) .

4.في المصدر: «لا يستنتج».

5.اختيار مصباح السالكين ، ص ۱۱۴ .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 98246
صفحه از 715
پرینت  ارسال به