۰.رَكّابُ شبهاتٍ ، خبّاطُ جهالاتٍ ، لا يَعتذِرُ ممّا لا يعلم فيسلم ، ولا يَعَضُّ في العلم بضِرْسٍ قاطِعٍ فيَغْنَمَ ، .........
«رَكّابُ شبهاتٍ ، خبّاط جهالاتٍ» .
في الصحاح : خبط البعير الأرض بيده : ضربه ، ومنه قيل : خبط عشواء ، وهي الناقة التي في بصرها ضعف تخبط إذا مشت ۱ . وهذا كثير الركوب للشبهات وكثير الخبط للجهالات ، أو في الجهالات .
وإضافة «ركّاب شبهات» لفظيّة أو معنويّة ، و«خبّاط جهالات» معنويّة ، ويجوز كونها لفظيّة ، والمعنويّة في الأوّل لاميّة وفي الثاني كمكر الليل ، ويجوز كونها لاميّة .
«لا يعتذر ممّا لا يعلم» بأن يقول : لا أعلم «فيسلم» من خطر القول بغير الحقّ .
«ولا يَعَضّ على۲العلم بضرس قاطع» فيكون قوله بالحقّ ولا يحتاج إلى الاعتذار «فيَغْنَمَ» ثواب العالم . وهو كناية عن كونه لم يُتْقِنه ولم يُحكم الاُمور ، كما في النهاية ۳ .
وفي مختصر الشرح : «هو كناية عن عدم إتقانه للقوانين الشرعيّة ، وأصله أنّ الإنسان يمضغ الشيء ثمّ لا يُجيد مضغه» ؛ انتهى ۴ .
أقول : كلام الشرح والنهاية مبنيّ على ما هو المشهور من توجّه النفي إلى القيد إذا وقع المنفيّ مقيّداً ، وهو الظاهر من مثل هذا المقام ، فإنّ المعنى أنّ من هذا شأنه يكون ما عنده من مسمّى العلم وتمويه كونه علماً مثل ما يلوكه ۵
من لا ضرس له أو من له ضرس لا يقطع شيئاً ، فكلامه في العلم كحركة فمِ مَن هذا شأنه ، فإنّه وإن حرّكه أضعاف ما يحرّك ذوالضرس القاطع لا تحصل منه فائدةُ تقطيع المأكول على وجه جيّد ولا غيره ، ومن فعل ذلك حصل الغنيمة وهي فائدة العلم وأصله وثمرته ، كما يحصّل الماضغ بالضرس القاطع الفائدة من المضغ ؛ فتوجّه النفي إلى القيد من جهة دخول ما حصّله هذا في مسمّى العلم في الجملة .
فإن قلت : توجّه النفي إلى القيد ليس كلّيّاً،فإنّه قد لا يتوجّه إليه ، كما في قولك: زيد لا يحبّ المال محبّةً للفقر ، فهل يتوجّه النفي ۶ هنا إلى القيد كما في المثال؟
قلت : ماهنا ليس من هذا القبيل ، فإنّ المقام يدلّ على أنّ عند هذا مسمّى العلم ولو بحسب اعتقاده .
نعم ، قد يحتمل المقام نفي أصل العضّ مع القيد بالنسبة إلى من لم يكن عنده آثاره من علم ، ويكون هذا الرجل من هذا القبيل .
وفيه تأمّل . والوجه ما تقدّم .
1.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۱۲۱ (خبط) .
2.كذا في النسخ ، وذكر المؤلّف هذه الفقرة قبل ذلك ، وفيه : «في» بدل «على» ، وهو مطابق للكافي المطبوع وكثير من نسخه .
3.النهاية ، ج ۳ ، ص ۸۴ (ضرس) .
4.اختيار مصباح السالكين ، ص ۱۱۴ .
5.«اللَّوْكُ» : إدارة الشيء في الفم ، وقيل : هو مضغ الشيء الصُّلْب الممضغة تديره في فيك . راجع : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۴۸۴ ؛ مجمع البحرين ، ج ۵ ، ص ۲۸۷ (لوك) .
6.في «د» : - «النفي» .