427
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.الفَرْج الحلال ، لامَلِيءٌ بإصدار ما عليه وَرَدَ ، ولا هو أهلٌ لما منه فَرَطَ ، .........

«لا مَليءٌ بإصدار ما عليه وَرَدَ» .
في الصحاح : مَلُؤَ الرجلُ : صار مَليئا ، أي ثقةً ۱ ، فالمعنى أنّ هذا ليس ممَّن ينبغي أن يوثق به بأن يصدر عنه الوارد عليه لأجل قضاء حاجته ممّا يتعلّق بالعلم ونحوه، كما يصدر الوارد على ماء ينتفع به ويتروّى منه ؛ أو ليس بثقة، أي ليس عنده ما يطلب ، بل هو « كَسَرَابِم بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْـئانُ مَآءً حَتَّى إِذَا جَآءَهُو لَمْ يَجِدْهُ شَيْـئا »۲ .
و«ما ورد» بمعنى ماورد من القضايا ونحوها ؛ ففيه تجوّز عقلي ؛ أو ماورد عليه من الناس الذين يريدون الإصدار بقضاء حوائجهم ، ففي التعبير بـ «ما» إشارة إلى كون من يرجع إليه ويرد عليه ليس داخلاً فيمن يعقل .
«ولا هو أهلٌ لما منه فَرَطَ» أي سبق وتقدّم .
ففي الصحاح : فرط إليه منّي قولٌ ، أي سبق ۳ . وكان هذا الكلام الشريف يتضمّن الدعاء على من هذا شأنه بانقضاء مدّته وانقطاع بدعته ودعواه ، وإلاّ لقال عليه السلام : ولا هو أهل لما منه وقع أو يقع ونحوه .
ويمكن أن يكون فيه إشارة إلى أنّه من قبيل قولك : فلان لايبالي بما سبق منه ، أي من شأنه أن لا يتأمّل ولا يتدبّر بحيث لا يسبقه الكلام ، بل ينبغي أن يكون تأمّله سابقاً على كلامه ، كما أنّ لسان العاقل وراء قلبه ، وقلبَ الجاهل وراء لسانه ؛ فالمضيّ والاستقبال وغيرهما حينئذٍ غير ملحوظة ، فيكون على هذا معنى كلامه عليه السلام أنّ هذا ليس أهلاً لما سبق منه بالمعنى المذكور .
وكان في لفظ «فرط» دون «سبق» ونحوه إشعار بأنّ ذلك من تفريطه وتضييعه ونحوه .

1.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۷۳ (ملأ) .

2.النور (۲۴) : ۳۹ .

3.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۱۴۸ (فرط) .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
426

۰.تبكي منه المواريثُ ، وتَصرُخُ منه الدماء ؛ يُستحلُّ بقضائه الفَرْجُ الحرام ، ويُحرَّمُ بقضائه

وقوله عليه السلام : «تَبكي منه المواريثُ ، وتَصرُخُ منه الدماءُ» إمّا بمعنى أنّها تبكي وتصرخ بلسان حالها متظلّمة شاكية من جوره عليها وعدم إعطائها حقّها ووضعها مواضعها ، فالاستعارة تبعيّة ؛ وإمّا بتقدير مضاف فيهما ، أي أهل المواريث وأهل الدماء ، وهو بالثاني أنسب .
ولا يخفى مناسبة البكاء بالمواريث ، والصراخ بالدماء .
«يُستَحَلُّ بقضائه الفَرْجُ الحرام ، ويُحرّمُ بقضائه الفَرْج الحلال» . يمكن أن يكون «يستحلّ» و«يحرّم» مبنيَّيْن للمفعول ، وأن يكونا مبنيَّين للفاعل ، والأوّل أبلغ في ذمّه وأنسب بحاله ؛ لأنّ عليه حينئذٍ مع إثمه بسبب قضائه مثلَ إثم من يستحلّ ويحرّم بسبب قضائه ، وأمّا الثاني فقد يكون مخصوصاً به وقد لا يكون ؛ والإتيان بالظاهر في مقام المضمر في الثاني ـ وهو أن يقال : «ويحرّم به» ـ لأنّ ذكر الشيء الذي يكون قد تقرّر وثبت في النفس أنّه سبب للذمّ يكون الإتيان باسمه الظاهر أنسب بالمقام ، ونحوه ما يشعر بالمدح وغيره ، كما تقول : البخيل لا يكرم ، البخيل لا تقضى له حاجة ، الكريم يكرم الكريم اقض حاجته ، ونحو ذلك ، فالإتيان بالظاهر خروجاً عن مقتضاه لنكتة ، كما تقدّم نحوه في شرح خطبة الكتاب .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 98175
صفحه از 715
پرینت  ارسال به