۱۷.عليُّ بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مَسعدةَ بن صدقة ، قال :حدّثني جعفرٌ ،ص 58
عن أبيه عليهماالسلام : «أنَّ عليّا ـ صلوات اللّه عليه ـ قال : مَن نَصَبَ نفسَه للقياس، لم يَزَلْ دهرَه في التِباسٍ ، ومن دانَ اللّه َ بالرأي، لم يَزَلْ دهرَه في ارتماسٍ» .
قوله عليه السلام في حديث مسعدة بن صدقة : (من نَصَبَ نفسَه للقياس لم يزل دَهْرَه في التباس ، ومن دانَ اللّه َ بالرأي لم يزل دهرَه في ارتماس) .
«دهره» في الموضعين نصب على الظرفيّة ، ويحتمل الرفع على أنّه اسم «يزل» من باب : نهاره صائم وليله قائم .
ومناسبة الالتباس بالقياس ۱ من حيث إنّه قد يعلم في الجملة ماهو من أحكام اللّه تعالى وهو المقيس عليه ، فهو مادام ناصباً نفسه للقياس يلبس الحقّ بالباطل ، فيجعل الباطل المقيس كالحقّ المقيس عليه ، فهو دهرَه يلبس الحقّ بالباطل ، فيلتبس أحدهما بالآخر ، أو أنّه يأتي بالباطل في لباس أنّه حقّ ، فيلتبس به ، فهو دائماً واقع في هذا الالتباس وفي إثمه وسبب عقابه مادام ناصباً نفسه للقياس ، أو من حيث إنّه إذا قاس شيئاً بشيء قد يجد مقيساً عليه آخر ، فلا يدري على أيّهما يقيسه ، فهو في التباس بهذا المعنى .
ومن دان اللّه بالرأي كان دائماً مرتمساً في الذنوب والباطل ، لا يخرج منها مادام كذلك ، ولا يكون أمره مشوباً بحقّ كالذي يقيس ، فإنّ هذا يدين اللّه بالرأي ، فهو كمن يرتمس في الماء ونحوه ، ولا يبرز من بدنه شيء منه ؛ لأنّ الرأي لا حقّ فيه أصلاً ، فناسب ارتماسه دائماً .
وهذه المقامات خطابيّة يمكن الاكتفاء فيها بمثل هذا التوجيه بالنسبة إلى استعمال كلّ من اللفظين في مقامه ، وإن كان معناهما وما يترتّب لفاعلهما باستعمالهما قطعيين لا شبهة فيهما ؛ واللّه أعلم .