445
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.قال : وقال أبو جعفر عليه السلام : «من أفتى الناسَ برأيه، فقد دانَ اللّه بما لا يَعلَمُ ، ومن دانَ اللّه َ بما لا يَعلَمُ ، فقد ضادَّ اللّه َ ؛ حيث أحَلَّ وحَرَّمَ فيما لا يَعلمُ» .

قوله عليه السلام : (من أفتى الناسَ برأيه فقد دانَ اللّه َ بما لا يَعلَمُ ، ومن دانَ اللّه َ بما لا يَعلَمُ فقد ضادَّ اللّه َ حيثُ أحَلَّ وحَرَّمَ فيما لا يَعلَمُ) .
نتيجة هذا القياس : من أفتى الناس برأيه فقد ضادّ اللّه ۱ . و«حيث أحلّ وحرّم فيما لا يعلم» بيانٌ للمضادّة ، واسم الشرط يفيد كلّيّة الكبرى ولو بالقرينة ، وفائدة ترتيبه شكلاً بيان أنّ هذا يعتقد أنّ الإفتاء بالرأي دين اللّه باعتقاده الفاسد ، فنبّه عليه السلام بذكر الحدّ الأوسط على أنّ من دان اللّه بهذا الدين فليس بعامل بدين اللّه ، بل هو مضادّ للّه ؛ لأنّ دين اللّه ينبغي أن يكون بالعلم ، وما كان عن غير علم فهو ضدّ دين اللّه ، فمعنى كونه مضادّا للّه أنّه عامل بخلاف دين اللّه ، وخلاف دين اللّه ضدّ دينه ، والضدّ قد يستعمل بمعنى النقيض والخلاف في الاصطلاح القديم ، على أنّه قد يفرّق بين الضدّ والمضادّة ؛ واللّه أعلم .

1.في «ب» : + «بما لا يعلم» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
444

۱۷.عليُّ بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مَسعدةَ بن صدقة ، قال :حدّثني جعفرٌ ،ص 58
عن أبيه عليهماالسلام : «أنَّ عليّا ـ صلوات اللّه عليه ـ قال : مَن نَصَبَ نفسَه للقياس، لم يَزَلْ دهرَه في التِباسٍ ، ومن دانَ اللّه َ بالرأي، لم يَزَلْ دهرَه في ارتماسٍ» .

قوله عليه السلام في حديث مسعدة بن صدقة : (من نَصَبَ نفسَه للقياس لم يزل دَهْرَه في التباس ، ومن دانَ اللّه َ بالرأي لم يزل دهرَه في ارتماس) .
«دهره» في الموضعين نصب على الظرفيّة ، ويحتمل الرفع على أنّه اسم «يزل» من باب : نهاره صائم وليله قائم .
ومناسبة الالتباس بالقياس ۱ من حيث إنّه قد يعلم في الجملة ماهو من أحكام اللّه تعالى وهو المقيس عليه ، فهو مادام ناصباً نفسه للقياس يلبس الحقّ بالباطل ، فيجعل الباطل المقيس كالحقّ المقيس عليه ، فهو دهرَه يلبس الحقّ بالباطل ، فيلتبس أحدهما بالآخر ، أو أنّه يأتي بالباطل في لباس أنّه حقّ ، فيلتبس به ، فهو دائماً واقع في هذا الالتباس وفي إثمه وسبب عقابه مادام ناصباً نفسه للقياس ، أو من حيث إنّه إذا قاس شيئاً بشيء قد يجد مقيساً عليه آخر ، فلا يدري على أيّهما يقيسه ، فهو في التباس بهذا المعنى .
ومن دان اللّه بالرأي كان دائماً مرتمساً في الذنوب والباطل ، لا يخرج منها مادام كذلك ، ولا يكون أمره مشوباً بحقّ كالذي يقيس ، فإنّ هذا يدين اللّه بالرأي ، فهو كمن يرتمس في الماء ونحوه ، ولا يبرز من بدنه شيء منه ؛ لأنّ الرأي لا حقّ فيه أصلاً ، فناسب ارتماسه دائماً .
وهذه المقامات خطابيّة يمكن الاكتفاء فيها بمثل هذا التوجيه بالنسبة إلى استعمال كلّ من اللفظين في مقامه ، وإن كان معناهما وما يترتّب لفاعلهما باستعمالهما قطعيين لا شبهة فيهما ؛ واللّه أعلم .

1.في «د» : «بالقايس» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 97503
صفحه از 715
پرینت  ارسال به