۰.خَلَقتنيمن نار وخلقتَه من طين ، ولو قاسَ الجوهَرَ الذي خَلَقَ اللّه ُ منه آدمَ بالنار ، كانَ ذلك أكثرَ نورا وضياءً من النار» .
۱۹.عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد ، عن يونسَ ، عن حريزٍ ، عن زرارةَ ، قال :سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الحلال والحرام؟ فقال : «حلالُ محمدٍ حلالٌ أبدا إلى
وقوله عليه السلام : «فلو قاس الجوهر ... » بمعنى أنّه لو عرف حقيقتهما ، أو عرف خلق آدم من أيّ شيء هو ، فقاس هذا بهذا ، أو لو قاس الجوهر الذي يعرف أنّ آدم خلق منه بالنار ، لظَهَرَ له فساد قياسه .
فـ «قاس» الثاني إمّا من باب المشاكلة ، وفيه تأمّل ؛ أو لبيان أنّ مثل هذا القياس الذي يعلم فيه وجه المقيس والمقيس عليه قياس حقّ وإن سمّي قياسا ؛ لظهور التفاوت المقتضي لتمييز أحدهما على ۱ الآخر ، والفساد ليس لازماً لمجرّد الاسم .
وقد يستدلّ به في الجملة على صحّة قياس منصوص العلّة ، فإنّه كما أنّه يظهر التفاوت هنا بسبب معرفة وجههما ، فكذا تظهر المساواة في منصوص العلّة ؛ فتأمّل .
وقد يستدلّ به على عدم صحّة قياس الأولويّة المسمّى بمفهوم الموافقة .
ويجاب بأنّ شرط قياس الأولويّة معرفة حقيقة الجامع بين المقيس والمقيس عليه ، كالإهانة في قوله تعالى « فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ »۲ الحاصلة من الضرب بطريق أولى ؛ فتأمّل .
قوله عليه السلام في حديث زرارة : (حلالُ محمّدٍ حَلالٌ أبداً إلى يومِ القيامةِ ، وحرامُه حرامٌ أبداً إلى يومِ القيامةِ ، لا يكونُ غيرهُ ، ولا يجيء غيرهُ) .
لا شبهة في أنّ حلاله صلى الله عليه و آله حلال إلى يوم القيامة ، وكذا حرامه ۳ اللذين لم يتغيّرا بنسخ ونحوه في حياته صلى الله عليه و آله وما تغيّر رجل الحلال منه في الحلال ، والحرام في الحرام ؛ وذلك لأنّه لم يأت بعده ما ينسخ شريعته ولا بعضها .
وما في بعض الأخبار من أنّ صاحب الأمر عليه السلام يورث بعض من لا يرث ، وهو مضمون حديث في الفقيه ۴ ، فعلى تقدير مقاومته للمعارضة ، لا بُعد في أن يكون في شريعته صلى الله عليه و آله ما إظهاره منوطٌ بزمان أحد الأئمّة عليهم السلام كصاحب الأمر ، فيكون هذا مستثنى كاستثناء ما نسخ في وقته صلى الله عليه و آله ، وإن كان هذا الكلام بعد زمانه . والمقام مقام الردّ على من يحلّل الحرام ويحرّم الحلال من غير أن يكون ذلك مستنداً إليه .
فحاصله أنّ حلاله لا يجوز لأحد تحريمه من غير تحريم يرجع إليه عليه السلام ، وكذا حرامه ؛ ونحوه ما كانوا عليهم السلام يتكلّمون به على وجه التقيّة ، فإنّه برخصة من اللّه سبحانه ومنِّه .
وبالجملة ، فهم ولاة الأمر ، فما يفعلونه له وجه صحيح وغير داخل في تحليل الحرام وتحريم الحلال الممنوع من غيرهم .
أو يقال : إنّ ذاك الحديث مخصّص لمضمون هذا ، ومرجعه إلى الأوّل ، وكيف كان فليس فيه تغيير لشريعته .