447
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.خَلَقتنيمن نار وخلقتَه من طين ، ولو قاسَ الجوهَرَ الذي خَلَقَ اللّه ُ منه آدمَ بالنار ، كانَ ذلك أكثرَ نورا وضياءً من النار» .

۱۹.عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد ، عن يونسَ ، عن حريزٍ ، عن زرارةَ ، قال :سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الحلال والحرام؟ فقال : «حلالُ محمدٍ حلالٌ أبدا إلى

وقوله عليه السلام : «فلو قاس الجوهر ... » بمعنى أنّه لو عرف حقيقتهما ، أو عرف خلق آدم من أيّ شيء هو ، فقاس هذا بهذا ، أو لو قاس الجوهر الذي يعرف أنّ آدم خلق منه بالنار ، لظَهَرَ له فساد قياسه .
فـ «قاس» الثاني إمّا من باب المشاكلة ، وفيه تأمّل ؛ أو لبيان أنّ مثل هذا القياس الذي يعلم فيه وجه المقيس والمقيس عليه قياس حقّ وإن سمّي قياسا ؛ لظهور التفاوت المقتضي لتمييز أحدهما على ۱ الآخر ، والفساد ليس لازماً لمجرّد الاسم .
وقد يستدلّ به في الجملة على صحّة قياس منصوص العلّة ، فإنّه كما أنّه يظهر التفاوت هنا بسبب معرفة وجههما ، فكذا تظهر المساواة في منصوص العلّة ؛ فتأمّل .
وقد يستدلّ به على عدم صحّة قياس الأولويّة المسمّى بمفهوم الموافقة .
ويجاب بأنّ شرط قياس الأولويّة معرفة حقيقة الجامع بين المقيس والمقيس عليه ، كالإهانة في قوله تعالى « فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ »۲ الحاصلة من الضرب بطريق أولى ؛ فتأمّل .
قوله عليه السلام في حديث زرارة : (حلالُ محمّدٍ حَلالٌ أبداً إلى يومِ القيامةِ ، وحرامُه حرامٌ أبداً إلى يومِ القيامةِ ، لا يكونُ غيرهُ ، ولا يجيء غيرهُ) .
لا شبهة في أنّ حلاله صلى الله عليه و آله حلال إلى يوم القيامة ، وكذا حرامه ۳ اللذين لم يتغيّرا بنسخ ونحوه في حياته صلى الله عليه و آله وما تغيّر رجل الحلال منه في الحلال ، والحرام في الحرام ؛ وذلك لأنّه لم يأت بعده ما ينسخ شريعته ولا بعضها .
وما في بعض الأخبار من أنّ صاحب الأمر عليه السلام يورث بعض من لا يرث ، وهو مضمون حديث في الفقيه ۴ ، فعلى تقدير مقاومته للمعارضة ، لا بُعد في أن يكون في شريعته صلى الله عليه و آله ما إظهاره منوطٌ بزمان أحد الأئمّة عليهم السلام كصاحب الأمر ، فيكون هذا مستثنى كاستثناء ما نسخ في وقته صلى الله عليه و آله ، وإن كان هذا الكلام بعد زمانه . والمقام مقام الردّ على من يحلّل الحرام ويحرّم الحلال من غير أن يكون ذلك مستنداً إليه .
فحاصله أنّ حلاله لا يجوز لأحد تحريمه من غير تحريم يرجع إليه عليه السلام ، وكذا حرامه ؛ ونحوه ما كانوا عليهم السلام يتكلّمون به على وجه التقيّة ، فإنّه برخصة من اللّه سبحانه ومنِّه .
وبالجملة ، فهم ولاة الأمر ، فما يفعلونه له وجه صحيح وغير داخل في تحليل الحرام وتحريم الحلال الممنوع من غيرهم .
أو يقال : إنّ ذاك الحديث مخصّص لمضمون هذا ، ومرجعه إلى الأوّل ، وكيف كان فليس فيه تغيير لشريعته .

1.كذا . والأنسب : «عن» .

2.الإسراء (۱۷) : ۲۳ .

3.في حاشية «ألف ، د» : «أي وأنّ حرامه كذا ؛ فيصحّ نصب اللذين (منه) » .

4.الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۳۳ ، باب ميراث من لا وارث له .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
446

۱۸.محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ بن يقطين ، عن الحسين بن مَيّاح ، عن أبيه ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال :«إنّ إبليسَ قاسَ نفسَه بآدمَ ، فقال :

قوله عليه السلام ، في حديث الحسين بن ميّاح : (إنّ إبليس قاسَ نفسَه بآدمَ ، فقال : خلقتني من نار وخلقتَه من طين ، فلو قاسَ۱الجوهر الذي خلق اللّه منه آدمَ بالنار ، كان ذلك أكثرَ نوراً وضياءً من النار) .
الظاهر أنّ المراد من هذا الحديث وكذا الحديث الآتي ـ واللّه أعلم ـ بيانُ فساد القياس الذي قاسه إبليس ، ومنه يظهر فساد القياس المتعارف ، وذلك أنّ إبليس ـ لعنه اللّه ـ قاس نفسه بآدم عليه السلام ، فدلّه قياسه الفاسد على أنّه خير من آدم من حيث خَلْق آدم من الطين وخَلْقه من النار ، وقد أخطأ في القياس ؛ فإنّه لو عرف حقيقة ما خلق منه آدم ـ وهو النور الذي هو أشرف من النار وأكثر نوراً وضياء منها ـ لعَرَفَ أنّ قياسه معكوس عليه ؛ ولو كان عالماً بخلق آدم من النور فقد خالف ما يعلمه إلى ما جعله دليلاً باطلاً ، فالذي يقيس بغير هذا القياس لا يعلم وجه ماقاسه على ماقاسه عليه .
وإذا لم يعلم الوجه ، فمن أين يحصل له العلم بمساواة هذا لذاك أو الظنّ به ؟ فإنّه قد يكون في الواقع التفاوت بينهما كتفاوت النار والنور ، أو لا جامع بينهما أصلاً ، وإذا علم القائس بهذا القياس عدمَ صحّة المقيس بوجه ـ كما كان أبو حنيفة يقول : «قال عليّ وقلتُ» ـ كان أشدّ فساداً ، فإنّه ترك قول مثل أمير المؤمنين عليه السلام الذي لا حجّة فوقه إلى نحو رأيه وقياسه .
فالمقصود من هذا الحديث ـ واللّه أعلم ـ بيانُ وجه فساد القياس وإن لم يكن من قبيل قياس أبي حنيفة وأمثاله ، وبه يبطل قياسهم ويظهر وجه فساده .

1.في الكافي المطبوع : «ولو قاس» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 77908
صفحه از 715
پرینت  ارسال به