451
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.النورَيْنِ ، وصَفاءَ أحدهما على الآخَر» .

وقوله عليه السلام : «وصفاء» بالجرّ معطوفٌ على «مابين» ، والمعنى : وعرف فضل صفاء أحدهما على الآخر . ولو عطف على «فضل مابين النورين» كان معناه: وعرف صفاء أحدهما على الآخر،واحتيج في تصحيح لفظه ومعناه إلى تكلّف مستغنى عنه.
وباقي ما يتعلّق بالحديث قد تقدّم ما تيسّر من حلّه ؛ واللّه أعلم .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
450

۰.قال : نعم ، قال : «لا تَقِسْ ، فإنَّ أوّلَ من قاسَ إبليسُ حين قال : خلقتَني من نار وخلقتَه من طين ، فقاسَ ما بين النار والطين ، ولو قاسَ نوريّةَ آدمَ بنوريّة النار عَرَفَ فَضْلَ ما بين

قوله عليه السلام «لا تقس فإنّ أوّل من قاس إبليس» معناه ـ واللّه أعلم ـ : لا تفعل هذا الفعل الذي أوّل من فعله واخترعه إبليس ، ومن فعل كفعل إبليس كان مثله .
ولا شبهة في أنّ هذا الفعل كان من إبليس فعلاً شنيعاً باطلاً ، كيف وقد جعله دليلاً على ترك طاعة اللّه سبحانه ، وحجّةً له على اللّه ، وما كان بهذه المرتبة كان من فعل مثله مشابهاً له وجاعله أمامه ومقتداه ؛ فما أشبهه بإبليس وأشبه من كان يجب عليه اتّباعهم والانقياد إليهم بآدم ، عليهم جميعاً سلام اللّه .
والنور الموصوف بالنوريّة هو الجوهر المتقدّم في الحديث السابق . والقياس في الحديث السابق للجوهر بالنار وهنا لنوريّة أحدهما بنوريّة الآخر ، ولا منافاة بينهما ، فإنّه لو فعل كلاًّ منهما لظهر له التفاوت وخطاؤه في قياسه .
لا يقال : إنّ قوله عليه السلام : «ولو قاس ...» يدلّ على صحّة القياس في الجملة .
لأنّا نقول : إنّه عليه السلام بصدد بيان القياس الفاسد ، وهو الذي لا يعلم وجهه ، وأمّا هذا فإنّه قياس غير فاسد ؛ أو أنّه عليه السلام سمّاه قياساً لما تقدّم .
وكيف كان ، فلا يرد ما ذكر ، مع أنّ قياس منصوص العلّة المشهور أنّه لا حرج فيه ، فليس كلّ قياس باطلاً ، بل الباطل قياس إبليس وما شابهه .
وحاصله : أنّ التسمية بالقياس لا دخل لها ، بل معنى القياس ، فإن أردت بقولك : «إنّه يدلّ على صحّة القياس في الجملة» صحّةَ بعض أفراد القياس ۱ ، فهو مسلّم ، وإن أردت ما يدخل تحته القياس الفاسد ، فهو ممنوع .
ونحو هذا قول أبي جعفر عليه السلام في حديث سدير الصيرفي : «أما علمت أنّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة» ۲ . وفسّره الصدوق رحمه اللّه بقوله : يعني صيارفة الكلام ولم يعن صيارفة الدراهم ۳ .
فالمراد منه ـ واللّه أعلم ـ أنّ التسمية وحدها لا تعتبر ، بل المعتبر المعنى ، فالصيرفيّ سواء كان صيرفيَّ كلامٍ أم صيرفيّ دراهم ونحوها مع الزيادة والنقصان ونحوهما مذمومٌ ، دون مجرّد التسمية .
وقد وقع في توجيه الحديث المذكور في الفقيه كلام باعتبار كلام الصدوق بعده ، وبتأمّل ما ذكرته هنا يظهر وجهه . ويمكن أن يكون كلام الصدوق مضمونه من كلام الإمام عليه السلام ؛ واللّه أعلم .
وهذه صورة الحديث :
وروى سدير الصيرفيّ قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : حديث بلغني عن الحسن البصري ، فإن كان حقّاً فإنّا للّه وإنّا إليه راجعون . قال : «وما هو؟» قلت : بلغني أنّ الحسن يقول : لو غلى دماغه من حرّ الشمس ما استظلّ بحائط صيرفيّ ، ولو تفرثت كبده عطشاً، لم يستسق من دار صيرفيّ ماء، وهو عملي وتجارتي،وعليه نبت لحمي ودمي ، ومنه حجّي وعمرتي . قال : فجلس عليه السلام ، ثمّ قال : «كذب الحسن ، خذ سواء ، وأعط سواء ، فإذا حضرت الصلاة ، فدع ما بيديك وانهض إلى الصلاة ، أما علمت أنّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة» ۴ يعني صيارفة الكلام ، ولم يعن صيارفة الدراهم ۵ .

1.في «ج» : «أفراده» .

2.الكافي ، ج ۵ ، ص ۱۱۴ ، باب الصناعات ، ذيل ح ۲ .

3.الفقيه ، ج ۳ ، ص ۱۵۹ ، ذيل ح ۳۵۸۳ .

4.الكافي ، ج ۵ ، ص ۱۱۳ ، باب الصناعات ، ح ۲ .

5.الفقيه ، ج ۳ ، ص ۱۵۹ ، ح ۳۵۸۳ .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 77883
صفحه از 715
پرینت  ارسال به