۸.محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن ابن فضّال ، عن حمّاد بن عثمانَ ، عن عبدالأعلى بن أعيَنَ ، قال :سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «قد وَلَدَني رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله وأنا أعلَمُ كتابَ اللّه ، وفيه بَدءُ الخلقِ ، وما هو كائنٌ إلى يوم القيامة ، وفيه خَبَرُ السماء وخَبَرُ الأرض ، وخَبَرُ الجنّة وخَبَرُ النار ، وخَبَرُ ما كانَ ، وَ خَبَرُ ما هو كائنٌ ، أعلَمُ ذلك كما أنظُرُ إلى كَفّي ، إنّ اللّه َ يقول : « فيه تبيانُ كلّ شيء » » .
قوله عليه السلام في حديث عبدالأعلى بن أعينَ : (قد ولدني رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأنا أعلم كتابَ اللّه ، وفيه بَدْءُ الخَلِقْ ، وما هو كائنٌ إلى يومِ القيامةِ ، وفيه خبرُ السماءِ وخبرُ الأرضِ ، وخبرُ الجنّةِ وخبرُ النارِ ، وخبرُ ما كانَ وما هو كائنٌ ، أعلمُ ذلك كما أنظر إلى كفّي ، إنّ اللّه يقول : فيه تبيان كلّ شيء)۱ .
الأحاديث التي تضمّنت كونهم عليهم السلام يعلمون كلّ ما في القرآن كثيرة من طرق المخالف والمؤالف ، ولمّا كانت تدلّ على أنّ من يعلم ذلك من عترته عليه السلام وذرّيّته ككونهما حبلين ممدودين ۲ ، وكونهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض ۳ ، وأنّ الكتاب والعترة من تمسّك بهما لن يضلّ ۴ ، وكون الأئمّة من
ولد الحسين عليه السلام ۵ ، وغير ذلك ممّا لو ذكر لأحوج إلى ما لا يسعه المقام ويطول بذكره الكلام ، استدلّ عليه السلام على الخصم بأنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد ولده وهذا لا ينكر ، ثمّ قال : إنّه يعلم كتاب اللّه وفيه كذا وكذا علماً يقينيّاً ، كما أنّه ينظر إلى كفّه ، فكما أنّ هذا يقينيٌّ فالعلم بما في الكتاب مثله ، من حيث ظهور هذا العلم وانكشافه لكلّ أحد .
ثمّ ذكر عليه السلام ما به تتمّ الدعوى والدليل ، ومعناه أنّ اللّه سبحانه قد أخبر بأنّ في القرآن تبيانَ كلّ شيء ، وأحكام اللّه تعالى لا تختلف في الواقع ونفس الأمر ، ولا يفهم من التعبير عنها شخص غيرَ ما يفهمه الآخر ، فما كان كذلك لم يكن حكمَ اللّه يقيناً باعتبار الفهم المختلف ، فليست الأفهام مناطاً لحكم اللّه في الواقع ، وكونُه تعالى أنزل في القرآن تبيانَ كلّ شيء لأجل مصلحة الاُمّة واستعلامهم ما يحتاجون إليه ، وطلبَ معرفته إذا لم ينصب من يبيّن لهم ذلك يكون إنزاله وكون فيه تبيان كلّ شيء ممّا لم يعلم من القرآن عبثاً ؛ تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيرا .
فلابدّ أن ينصب من يبيّن ذلك ، وقد كان المبيّن رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله في حياته ، ولم يحصل البيان لجميع مافيه لغيرهم عليهم السلام ، فلابدّ من مبيّن في كلّ وقت يحتاج فيه إلى البيان ، والاحتياج باق إلى آخر الزمان وانقطاع التكليف ، فكان عليه السلام في وقته هو المبيّنَ ، ومن لم يصدّق فعليه بالاختبار والامتحان ، ولم يدّعِ هذا أحد غيرهم عليهم السلام ، ولا حصل إنكار ما بيّنوه من ذي عقل منصف ، فهم عليهم السلام أهل القرآن وتراجمته ۶ دون غيرهم بنصّ اللّه ورسوله .
1.إشارة إلى الآية ۸۹ من سورة النحل (۱۶) : « وَ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَـابَ تِبْيَـانًا لِّكُلِّ شَىْ ءٍ » .
2.المجازات النبويّة ، للشريف الرضي ، ص ۲۱۶ ؛ العمدة ، لابن البطريق ، ص ۸۳ و۱۱۸ ؛ شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، ج ۹ ، ص ۱۳۳ ؛ إيمان أبي طالب ، للفخّار ، ص ۶۵ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲۹ ، ص۶۳۰ .
3.بصائر الدرجات ، ص ۴۱۳ ، باب في قول رسول اللّه : إنّي تارك ... ، ح ۳ ؛ الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۱۴ ، باب أدنى ما يكون به العبد مؤمنا ... ، ح ۱ ؛ كمال الدين ، ج ۱ ، ص ۲۳۸ ، الباب ۲۲ ، ح ۵۴ ؛ معاني الأخبار ، ص ۹۱ ، باب معنى الثقلين والعترة ، ح ۵ ؛ الأمالي ، للمفيد ، ص ۴۵ . المجلس ۶ ، ح ۶ ؛ الإرشاد ، ج ۱ ، ص ۱۷۶ ؛ الغيبة ، للنعماني ، ص ۴۱ ، باب فيما جاء في تفسير قوله تعالى : « وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا » ، ح ۲ ؛ الأمالي ، للطوسي ، ص ۱۶۱ ، المجلس ۶ ، ح ۲۰ .
4.الكافي ، ج ۱ ، ص ۵۲۹ ، باب ما جاء في الاثنى عشر ... ، ح ۴ ؛ الأمالي ، للصدوق ، ص ۲۶ ، المجلس ۷ ، ح ۳ ؛ وص ۱۳۱ ، المجلس ۲۷ ، ح ۸ ؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۱ ، ص ۴۷ ، الباب ۶ ، ح ۸ ؛ وص ۵۷ ، الباب ۶ ، ح ۲۵ ؛ معاني الأخبار ، ص ۱۲۶ ، باب معنى الكلمات التي ... ، ح ۱ ؛ الغيبة ، للنعماني ، ص ۶۸ ، باب ما روي في أنّ الأئمّة اثنا عشر ، ح ۸ ؛ وص ۸۲ ، نفس الباب ، ح ۱۲ ؛ الغيبة ، للطوسي ، ص ۱۳۷ ؛ الاحتجاج ، ج ۱ ، ص ۶۹ و ۱۴۱ و ۱۴۸ .
5.في «ج»: «تراجمة الوحي».