479
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
478

۰.تُخالفونَهم فيها ، وتَزعُمونَ أنّ ذلك كلَّه باطلٌ ؛ أفَتَرى الناسَ يَكذِبونَ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله مُتعمِّدين ، ويُفسّرونَ القرآنَ بآرائهم؟
قال : فأقبَلَ عَلَيَّ ، فقال : «قد سألت فافهم الجواب : إنّ في أيدي الناس حقّا وباطلاً ، وصِدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعامّا وخاصّا، ومحكما ومتشابها، وحِفظا ووَهما ،

المراد ـ واللّه أعلم ـ بما في أيدي الناس من الحقّ ما هم عليه من متابعته عليه السلام ومتابعة ما أمر به رسول اللّه صلى الله عليه و آله ونهى عنه ونحوه ، والباطل خلافه . وهذا لا يوصف بالصدق والكذب ، والصدق ما روي عنه صلى الله عليه و آله ، والكذب ما أُسند إليه ولم يرو عنه . والصدق قد يكون غير حقّ كالمنسوخ والعامّ الذي لم يُحمل على الخاصّ ونحوه .
قال شيخنا البهائي ـ قدّس سرّه ـ في شرح الأربعين في هذا الحديث :
«المحكم» في اللغة هو المضبوط المتقن ، ويطلق في الاصطلاح على ما اتّضح معناه ، وظهر لكلّ عارف باللغة مغزاه ۱ ، وعلى ما كان محفوظاً من النَسخ أو التخصيص ، أو منهما معاً ، وعلى ما كان نظمه مستقيماً خاليا عن الخلل ، وعلى ما لا يحتمل من التأويل إلاّ وجها واحداً ؛ ويقابله بكلّ من هذه المعاني المتشابهُ . وكلّ منهما يجوز أن يكون مراداً له عليه السلام بقوله : «محكما ومتشابها» انتهى ۲ .
قوله صلى الله عليه و آله فيه : (أيّها الناسُ ، قد كَثُرَتْ عليَّ الكَذّابَةُ ، فمن كَذَبَ عَلَيَّ متعمّداً فَلْيَتَبَوَّأ مَقعَدَه من النارِ) .
قيل : إنّ هذا الحديث من الأحاديث المتواترة .
والكذّابة جمع كذّاب ، كسيّارة وجلاّلة وحطّابة وفعّالة ، وهو كثير شائع فصيح ، ومن اجترأ على الكذب على مثله صلى الله عليه و آله كان كذّاباً . والكِذّابة ـ بالكسر : فعّالة بمعنى
مفعولة بتقدير الكلمة المكذوبة ۳ ـ ممّا ينزّه عنه كلام الفصيح لغرابته وبُعده ۴ فكيف بكلام أفصح العرب صلى الله عليه و آله .
قال الشيخ بهاء الدين قدّس سرّه : والجارّ إمّا متعلّق به ، أي بـ «الكذّابة» أو بـ «كثرت» على تضمين «اجتمعت» ونحوه ؛ انتهى ۵ .
وفي تضمين «اجتمعت» نظر ؛ لأنّ الاجتماع لايناسبه المقام ، فإنّ اجتماعهم مع كثرتهم على الكذب أو عليه عليه السلام للكذب كأنّه غير ملحوظ ولا يحتاج إليه ، والاجتماع قد يناسبه نحو ذلك : «تكاثروا عليَّ» لا«كثروا» ، فالظاهر عدم الاحتياج إلى التضمين ، فإنّ مثل «كثر عليه» و«كبر عليه» لا يحتاج معه إلى شيء في دلالته على معناه ؛ على أنّ «تكاثروا أيضاً» قد لا يحتاج فيه إلى التضمين .
وتعلّقه بـ «الكذّابة» وإن جوّزه بعض النُحاة إلاّ أنّه بعد «كثروا» كأنّه بعيد تعلّقه به ، والذي يمنع مثله ينظر إلى عدم جواز تقدّم معمول صلة «ال» عليها . واستدلّ المجوّز بقوله تعالى : « وَ كَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ »۶ .
وعن النهاية في قوله صلى الله عليه و آله : «فليتبوّأ مقعده من النار» : قد تكرّرت هذه اللفظة في الحديث ، ومعناها : لينزل منزله من النار ، يقال بوّأه اللّه منزلاً ، أي أسكنه إيّاه ، وتبوّأ منزلاً ، أي اتّخذه ؛ انتهى ۷ .

1.مغزى الكلام : مقصده . لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۱۲۳ (غزا) .

2.الأربعون حديثا ، ص ۲۹۳ .

3.في حاشية «ألف ، د» : «أي بصيغة المبالغة ، أي كثير الكذب ، أو شديده ، أو عظيمه (منه) » .

4.في حاشية «ألف ، د» : «ضبطها مير محمّد باقر رحمه اللّه بالكسر والتخفيف بالمعنى المذكور ، وشنع على من جعلها مشدّدة بالمعنى السابق (منه ) » . وللمزيد راجع : التعليقة ، للداماد ، ص ۱۴۶ ؛ شرح المازندراني ، ج ۲ ، ص ۳۷۷ ؛ الوافي ، ج ۱ ، ص ۲۷۹ ؛ مرآة العقول ، ج ۱ ، ص ۳۷۸ .

5.الأربعون حديثا ، ص ۲۹۴ .

6.يوسف (۱۲) : ۲۰ .

7.النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۵۹ (بوأ) .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 98713
صفحه از 715
پرینت  ارسال به