481
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

0.رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَ إِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ » ثمَّ بَقوا بعدَه ، فَتَقَرَّبوا إلى أئمّة الضلالة والدُّعاةِ إلى النار بالزور والكَذِب والبهتان ، فَوَلّوهم الأعمالَ ، وحَمَلُوهم على رِقاب الناس ، وأكُلوا بهم الدنيا ، وإنّما الناسُ مع الملوك والدنيا إلاّ مَن عَصَمَ اللّه ، فهذا أحدُ الأربعة .
ورجلٍ سَمِعَ من رسول اللّه شيئا لم يَحْمِلْه على وجهه ووَهِمَ فيه ، ولم يَتعمَّدْ كذبا ، فهو في يده ، يقول به ، ويَعمل به ، ويَرويه ، فيقول : أنا سمعتُه من رسول اللّه صلى الله عليه و آله فلو عَلِمَ المسلمون أنّه وَهِمَ لم يَقبَلوه ، ولو عَلِمَ هو أنّه وَهِمَ لرَفَضَه .
ورجلٍ ثالثٍ سَمِعَ من رسول اللّه صلى الله عليه و آله شيئا أمَرَ به ثمَّ نهى عنه وهو لا يعلَمُ ، أو سَمِعَه ينهى عن شيء ثمَّ أمر به وهو لا يعلم ، فحَفِظَ منسوخَه ولم يَحفَظِ الناسخَ ، ولو علم أنّه منسوخ لرَفَضَه ، ولو علم المسلمونَ إذ سمعوه منه أنّه منسوخٌ لَرَفَضُوه .
وآخَرَ رابعٍ لم يَكْذِبْ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، مُبغضٍ للكذب خوفا من اللّه وتعظيما لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ، لم يَنْسَه ، بل حَفِظَ ما سمِع على وجهه ، فجاء به كما سمِع ، لم يَزِدْ فيه ولم يَنقُصْ منه ، وعلِم الناسخ من المنسوخ ، فعمِلَ بالناسخ ورَفَضَ المنسوخَ ،

فقال عزّ وجلّ :« وَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَ إِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ »۱ثمّ بَقُوا بعدَه ، فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالِ۲والدُّعاةِ إلى النارِ بالزورِ والكَذِبِ والبهتانِ ... ) .
لمّا كان سلوك المنافقين وتدليسهم بحيث يوجب اغترار الناس بهم ، وتصديقهم فيما يدّعون أنّه عن النبيّ صلى الله عليه و آله من الأحاديث ۳ ، كانوا يقبلون منهم ، وقد أخبر اللّه تعالى نبيّه صلى الله عليه و آله عن حالهم بقوله : « وَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَ إِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ » لأنّ هيئتهم وترتيب كلامهم محلّ أن يتوهّم فيهم ذلك .
ويحتمل أن يكون المراد من الإخبار عنهم الإخبارَ الواقع في غير هذه الآية ، والمراد من الوصف ما في الآية ؛ ويحتمل غير ذلك . وظاهر العبارة الأوّل ۴ ؛ واللّه أعلم . وأئمّة الضلال معلومون هم ، ومن كانوا يقربونه من المنافقين .
والجارّ في «بالزور» متعلّق بتقرّبوا .
والزور : الكذب ؛ فالعطف تفسيريّ .
ويحتمل أن يكون بمعنى الرأي ، يقال : ماله زور ، أي رأي ۵ . وبَهَتَه بَهْتاً وبُهتاناً : قال عليه ما لم يفعله ۶ .

1.المنافقون (۶۳) : ۴ .

2.في الكافي المطبوع وكثير من نسخه : «الضلالة» .

3.في «ج» : + «المصنوعة» .

4.في «ج» : «الآية» .

5.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۷۲ (زوز) .

6.انظر لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۱۲ (بهت) .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
480

0.وقد كُذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله على عهده حتّى قام خطيبا ، فقال : أيّها النّاس ، قد كَثُرَتْ علَيَّ الكَذّابَةُ ، فمن كَذَبَ علَيَّ مُتعمّدا فَلْيتبوَّأ مَقعدَه من النار ، ثمّ كُذِبَ عليه من بعده ، وإنّما أتاكم الحديثُ من أربعةٍ ليس لهم خامس :
ص 63
رجلٍ منافقٍ يُظهر الإيمانَ ، مُتصنِّعٍ بالإسلام ، لا يَتأثَّمُ ولا يَتحرَّجُ أن يَكذبَ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله متعمّدا ؛ فلو عَلِمَ الناسُ أنّه منافق كذّاب ، لم يَقبلوا منه ولم يُصدّقوه ، ولكنّهم قالوا هذا قد صَحِبَ رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله ورآه وسَمِعَ منه ، وأخَذوا عنه وهم لا يَعرفون حالَه . وقد أخبَرَه اللّه عن المنافقين بما أخبَرَه ، ووَصَفَهم بما وَصَفَهم ، فقال عزّ وجلّ : « وَ إِذَا

قوله عليه السلام فيه : (رجلٍ منافقٍ يُظهِرُ الإيمانَ ، مُتَصَنِّعٍ بالإسلامِ ، لا يَتَأَثَّمُ ولا يَتَحَرَّجُ أن يَكْذِبَ على رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله مُتَعَمِّداً) .
«المنافق» مأخوذٌ من النفق وهو السرب ، أي يتستّر بالإسلام كما يتستّر الرجل في السرب ، ويقال : هو من قولهم : نافق اليربوع ونفق : إذا دخل نافقاءه ، فإذا طُلب من النافقاء ، خرج من القاصعاء ، وإذا طُلب من القاصعاء ، خرج من النافقاء ، والنافقاء والقاصعاء والراهطاء والدامساء أسماء جِحَرَة اليربوع ؛ ذكره في الغريب ۱ .
وتصنّعه بالإسلام : تكلّفه له ، وتدلّسه به ، وتحلّيه به من غير أن يكون من أهله .
«لا يتأثّم» أي لا يعدّ نفسه آثماً بما يفعله من الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
«ولا يتحرّج» أي لا يعتقد أنّ عليه في ذلك حرجاً . والحرج : الضيقُ .
وفي الصحاح : تأثّم ، أي تحرّج عنه وكفّ ۲ . فالعطف تفسيريّ .
وعلى الأوّل معناه : لا يجعل هذا أمراً ضيّقاً عليه بحيث يمتنع منه ، وأصل التأثّم والتحرّج للتجنّب ، أي ليدلّ على أنّ الفاعل جانَبَ أصل الفعل ، وهو هنا كذلك ، فحمْله على أصله أولى .
قوله عليه السلام فيه : (وقد أخْبَرَهُ اللّه ُ عن المنافقينَ بما أخبَرَه ، ووَصَفَهم بما وَصَفَهم ،

1.غريب القرآن ، ص ۴۲۸ .

2.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۸۵۸ (أثم) .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 98643
صفحه از 715
پرینت  ارسال به