۰.فإنَّ أمْرَ النبيّ صلى الله عليه و آله مثلُ القرآنِ ناسخٌ ومنسوخٌ ، وخاصٌّ وعامٌّ ، ومحكمٌ ومُتشابِهٌ ،
قد كان يكون من رسول اللّه صلى الله عليه و آله الكلامُ له وجهان : كلامٌ عامٌّ ، وكلامٌ خاصٌّ مثلُ القرآن ،
قوله عليه السلام فيه : (فإنّ أمْرَ النبيِّ صلى الله عليه و آله مثلُ القرآنِ ناسخٌ ومنسوخٌ ... ) .
يحتمل أن يكون المراد بأمر النبيّ عليه السلام كلامَه الشامل للأمر وغيره ، أو هو بمعنى : شأن كلامه كشأن القرآن ، أو باعتبار كونه يرجع جميعه إلى الأمر بنوع من التوجيه ، أو باعتبار التغليب .
و«ناسخ» خير ثانٍ لـ «أنّ» ، أو خبر مبتدأ تقديره «بعضه» ، وكذا «منسوخ» . ويجوز كونه بدلاً من القرآن ، كما أفاده شيخنا البهائي قدّس سرّه ، بناءً على عدم لزوم صحّة إقامة البدل مُقام المُبْدل ، واستشهد بقول صاحب الكشّاف في قوله تعالى : « وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ الْجِنَّ »۱ .
قوله عليه السلام فيه : (قد كانَ يكونُ من رسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله الكلامُ له وَجْهانِ) .
جملة «له وجهان» إمّا حال من الكلام ؛ لتعريفه ، وإمّا صفة ؛ لكون تعريفه جنسيّاً . واسم «كان» ضمير الشأن . و«يكون» تامّة ، و«الكلام» فاعلها . وكون «يكون» ناقصةً ، كما ذكره الشيخ بهاء الدين ۲ ـ قدّس سرّه ـ مع الأوجه المذكورة ، و«الكلامِ» اسمَها ، و«له وجهان» خبرَها كأنّه بعيد بعد قوله عليه السلام : «من رسول اللّه » فإنّ نحو قولك : «كان منك كذا ، وكان منّي كذا» إذا تأمّلته لم تجده ينفكّ عن معنى التمام .
وعلى تقدير كونها ناقصة ، فالظاهر أنّ قوله : «من رسول اللّه » خبر مقدّم ، و «له وجهان» صفة «الكلام» الذي هو اسمها ، أو حال منه ؛ وإن كان ما أفاده محتملاً على تقدير النقص إن تمّ ، وكان المقام يأباه .
بقي احتمال لا يخلو من بُعد ، وهو أن يكون «الكلام ذو الوجهين» اسمَ «كان» ، وجملة «يكون» مع الضمير خبرَها ، وحاصله : كان الكلام ذو الوجهين ، وكلام عامّ وكلام خاصّ يوجد من رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وعطف «كلام عامّ» وما بعده بالتنكير ؛ لكون «الكلام» في حكم النكرة ، وإن كان ذلك وعكسه لا حرج فيه ؛ واللّه أعلم .