483
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.وقال اللّه عزَّ وجلَّ في كتابه : « وَ مَآ ءَاتَـاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَـاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ »

قوله عليه السلام فيه : (وقالَ اللّه ُ عَزَّ وجَلَّ في كتابِه :« مَآ ءَاتَـاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَـاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ »۱) يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون عليه السلام ذكر هذه الآيةَ لمعنى أنّ اللّه سبحانه قال كذا ، فكان من سمعها إذا سمع شيئاً من الرسول صلى الله عليه و آله ينقله ويعمل به تمسّكاً بظاهر الآية بأنّ ما سمعه ـ كيف كان ـ داخلٌ تحت قوله تعالى : « مَآ ءَاتَـاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَـاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ » ولم يتفحّص عن شروط ما آتاهم وما نهاهم عنه من كونه منسوخاً أو غير منسوخ ، وعامّا أو خاصّا ، ومحكماً أو متشابهاً ، وغير ذلك ؛ فما آتاهم الرسول عليه السلام ينبغي أن يكون أخذه مع الشروط المذكورة ونحوها ، وكذا ما نهى عنه ؛ وحينئذٍ فقوله عليه السلام بعده : «فيشتبه» إلى آخره متفرّع على ما ذكره من قوله تعالى وما قبله . الثاني : أن يكون عليه السلام ذكرها لمعنى أنّ اللّه سبحانه أمر بأخذ ما آتاهم الرسول والانتهاء عمّا نهاهم عنه ، لكن على وجهه وبالشروط المعتبرة : من فهم كلامه عليه السلام ومعرفة الخاصّ منه والعامِّ ، وما له وجهان والمراد منهما أحدهما ، ومعرفة الناسخ والمنسوخ ونحو ذلك ، فهذا ممّا ينبغي أخذه والعمل به ؛ وحينئذٍ تفريع «فيشتبه» على ما قبل الآية .
وكان هذا الذي خطر للشيخ بهاء الملّة و ۲ الدين قدّس سرّه ، أو الذي اعتمد عليه ؛ فلهذا قال : «فيشتبه» متفرّعٌ على ما قبل الآية ۳ ، ولم يذكر ما يدلّ على الوجه الأوّل ، وكان الأوّل غير بعيد ، ولا اعتراض فيه ؛ واللّه أعلم .

1.الحشر (۵۹) : ۷ .

2.في «ج» : - «الملّة و»

3.الأربعون حديثا ، ص ۲۹۵ .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
482

۰.فإنَّ أمْرَ النبيّ صلى الله عليه و آله مثلُ القرآنِ ناسخٌ ومنسوخٌ ، وخاصٌّ وعامٌّ ، ومحكمٌ ومُتشابِهٌ ،
قد كان يكون من رسول اللّه صلى الله عليه و آله الكلامُ له وجهان : كلامٌ عامٌّ ، وكلامٌ خاصٌّ مثلُ القرآن ،

قوله عليه السلام فيه : (فإنّ أمْرَ النبيِّ صلى الله عليه و آله مثلُ القرآنِ ناسخٌ ومنسوخٌ ... ) .
يحتمل أن يكون المراد بأمر النبيّ عليه السلام كلامَه الشامل للأمر وغيره ، أو هو بمعنى : شأن كلامه كشأن القرآن ، أو باعتبار كونه يرجع جميعه إلى الأمر بنوع من التوجيه ، أو باعتبار التغليب .
و«ناسخ» خير ثانٍ لـ «أنّ» ، أو خبر مبتدأ تقديره «بعضه» ، وكذا «منسوخ» . ويجوز كونه بدلاً من القرآن ، كما أفاده شيخنا البهائي قدّس سرّه ، بناءً على عدم لزوم صحّة إقامة البدل مُقام المُبْدل ، واستشهد بقول صاحب الكشّاف في قوله تعالى : « وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ الْجِنَّ »۱ .
قوله عليه السلام فيه : (قد كانَ يكونُ من رسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله الكلامُ له وَجْهانِ) .
جملة «له وجهان» إمّا حال من الكلام ؛ لتعريفه ، وإمّا صفة ؛ لكون تعريفه جنسيّاً . واسم «كان» ضمير الشأن . و«يكون» تامّة ، و«الكلام» فاعلها . وكون «يكون» ناقصةً ، كما ذكره الشيخ بهاء الدين ۲ ـ قدّس سرّه ـ مع الأوجه المذكورة ، و«الكلامِ» اسمَها ، و«له وجهان» خبرَها كأنّه بعيد بعد قوله عليه السلام : «من رسول اللّه » فإنّ نحو قولك : «كان منك كذا ، وكان منّي كذا» إذا تأمّلته لم تجده ينفكّ عن معنى التمام .
وعلى تقدير كونها ناقصة ، فالظاهر أنّ قوله : «من رسول اللّه » خبر مقدّم ، و «له وجهان» صفة «الكلام» الذي هو اسمها ، أو حال منه ؛ وإن كان ما أفاده محتملاً على تقدير النقص إن تمّ ، وكان المقام يأباه .
بقي احتمال لا يخلو من بُعد ، وهو أن يكون «الكلام ذو الوجهين» اسمَ «كان» ، وجملة «يكون» مع الضمير خبرَها ، وحاصله : كان الكلام ذو الوجهين ، وكلام عامّ وكلام خاصّ يوجد من رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وعطف «كلام عامّ» وما بعده بالتنكير ؛ لكون «الكلام» في حكم النكرة ، وإن كان ذلك وعكسه لا حرج فيه ؛ واللّه أعلم .

1.الأربعون حديثا ، ص ۲۹۴ . وانظر : الكشّاف ، ج ۲ ، ص ۵۲ . والآية في سورة الأنعام (۶) : ۱۰۰ .

2.الأربعون حديثا ، ص ۲۹۵ .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 98594
صفحه از 715
پرینت  ارسال به