۲.عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي أيّوب الخرّاز ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال:قلت له: ما بالُ أقوامٍ يَرْوونَ عن ص 65
فلان وفلان عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله لا يُتَّهَمونَ بالكذب ، فيجيءُ منكم خلافُه؟ قال : «إنَّ الحديثَ يُنسَخُ كما يُنسَخُ القرآنُ» .
[قوله :] في حديث محمّد بن مسلم عن أبي عبداللّه عليه السلام : (قالَ : قلتُ له : ما بالُ أقوامٍ يَروونَ عن فلان وفلانٍ عن رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله لا يُتَّهَمونَ بالكَذِبِ فيَجيءُ منكم خلافُه؟ قال : «إنّ الحديثَ يُنسَخُ كما يُنسَخُ القرآنُ» ) .
يحتمل أن يكون جملة «لا يتّهمون بالكذب» صفةً ثانية لأقوام ، والاُولى جملة «يروون» وأن يكون خبرَ مبتدأ محذوف بتقدير «وهم لا يتّهمون بالكذب» . والمعنى على الأوّل : ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان مع عدم إتّصاف الأقوام بالكذب ، فإذا كانوا غير كاذبين كيف حال روايتهم ، وكيف وجه ما يجيء منكم بخلافه ، وحينئذٍ ففلان وفلان ممّن لا يقع منهم الكذب على رسول اللّه ، لا أنّه معلوم من كلام الراوي .
وعلى الثاني : ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان ، والأقوام وفلان وفلان جميعهم غير متّهمين بالكذب ، فأجابه عليه السلام بأنّ الحديث يُنسخ كما يُنسخ القرآن ، فلا يلزم ممّا يجيء منّا بخلافه كذبُهم .
فإن قلت : هل يجوز أن يكون المعنى : ما بال هؤلاء لا يتّهمون بالكذب من حيث إنّه يجيء منكم خلافه ، فإنّ هذا يوجب تهمتهم بالكذب .
قلت : هذا إنّما يستقيم لو كان في العبارة تقديم وتأخير ، فلو كانت هكذا : «ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله فيجيء منكم خلافه لا يتّهمون بالكذب» لتمّ ما ذكرت . وكذا لو كان بدلَ فاءِ «فيجيء» واوٌ ، وأمّا على ما في الكتاب فلا يستقيم . ولا بُعد في كون الفاء كانت واوا ، وحينئذٍ يتمّ الكلام بقوله : لا يتّهمون بالكذب ، وجملة «ويجيء منكم خلافه» حاليّة ؛ واللّه أعلم .
بقي احتمال آخر على تقدير الواو ، وهو أن يكون عليه السلام أجابه على وجه التقيّة ، والمعنى : ما بالهم لايتّهمون بالكذب مع أنّ روايتهم عن فلان وفلان ومع مخالفة ما يجيء منكم . وعلى الفاء أيضاً يمكن حمل الجواب على التقيّة .