489
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۲.عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي أيّوب الخرّاز ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال:قلت له: ما بالُ أقوامٍ يَرْوونَ عن ص 65
فلان وفلان عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله لا يُتَّهَمونَ بالكذب ، فيجيءُ منكم خلافُه؟ قال : «إنَّ الحديثَ يُنسَخُ كما يُنسَخُ القرآنُ» .

[قوله :] في حديث محمّد بن مسلم عن أبي عبداللّه عليه السلام : (قالَ : قلتُ له : ما بالُ أقوامٍ يَروونَ عن فلان وفلانٍ عن رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله لا يُتَّهَمونَ بالكَذِبِ فيَجيءُ منكم خلافُه؟ قال : «إنّ الحديثَ يُنسَخُ كما يُنسَخُ القرآنُ» ) .
يحتمل أن يكون جملة «لا يتّهمون بالكذب» صفةً ثانية لأقوام ، والاُولى جملة «يروون» وأن يكون خبرَ مبتدأ محذوف بتقدير «وهم لا يتّهمون بالكذب» . والمعنى على الأوّل : ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان مع عدم إتّصاف الأقوام بالكذب ، فإذا كانوا غير كاذبين كيف حال روايتهم ، وكيف وجه ما يجيء منكم بخلافه ، وحينئذٍ ففلان وفلان ممّن لا يقع منهم الكذب على رسول اللّه ، لا أنّه معلوم من كلام الراوي .
وعلى الثاني : ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان ، والأقوام وفلان وفلان جميعهم غير متّهمين بالكذب ، فأجابه عليه السلام بأنّ الحديث يُنسخ كما يُنسخ القرآن ، فلا يلزم ممّا يجيء منّا بخلافه كذبُهم .
فإن قلت : هل يجوز أن يكون المعنى : ما بال هؤلاء لا يتّهمون بالكذب من حيث إنّه يجيء منكم خلافه ، فإنّ هذا يوجب تهمتهم بالكذب .
قلت : هذا إنّما يستقيم لو كان في العبارة تقديم وتأخير ، فلو كانت هكذا : «ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله فيجيء منكم خلافه لا يتّهمون بالكذب» لتمّ ما ذكرت . وكذا لو كان بدلَ فاءِ «فيجيء» واوٌ ، وأمّا على ما في الكتاب فلا يستقيم . ولا بُعد في كون الفاء كانت واوا ، وحينئذٍ يتمّ الكلام بقوله : لا يتّهمون بالكذب ، وجملة «ويجيء منكم خلافه» حاليّة ؛ واللّه أعلم .
بقي احتمال آخر على تقدير الواو ، وهو أن يكون عليه السلام أجابه على وجه التقيّة ، والمعنى : ما بالهم لايتّهمون بالكذب مع أنّ روايتهم عن فلان وفلان ومع مخالفة ما يجيء منكم . وعلى الفاء أيضاً يمكن حمل الجواب على التقيّة .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
488

۰.عَلَّمَنيه وحَفِظْتُه ، فلم أنسَ حرفا واحدا ، ثمّ وَضَعَ يدَه على صدري ودعا اللّه َ لي أن يَمْلَأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا ، فقلت : يا نبيّ اللّه ، بأبي أنت واُمّي ، منذُ دعوتَ اللّه َ لي بما دعوتَ لم أنْسَ شيئا ، ولم يَفُتْني شيءٌ لم أكْتُبْهُ ، أفتتخَوَّفُ عَلَيَّ النسيانَ فيما بعدُ؟ فقال : لا ، لستُ أتخوَّفُ عليك النسيانَ والجهلَ» .

قوله عليه السلام فيه : (ثمّ وَضَعَ يَدَه على صدري ودعا اللّه َ لي أن يَمْلَأَ قلبي علماً وفهماً وحُكماً ونوراً . فقلتُ : يا نبيَّ اللّه ، بأبي أنتَ واُمّي ، مُنذُ دَعَوْتَ اللّه َ لي بما دَعَوتَ لم أنْسَ شيئاً ولم يَفُتْني شيءٌ لم أكْتُبْهُ ، أفَتَتَخَوَّفُ عَلَيّ النسيانَ فيما بعدُ؟ فقال : لا ، لستُ أتَخَوَّفُ عليك النسيانَ والجهلَ) . قوله عليه السلام «ثمّ وضع» إلى آخره ، الظاهر أنّ المراد به بعد أن علّمني جميع ذلك وَضَعَ يده على صدري .
والإتيان بـ «ثمّ» باعتبار أوّل التعليم وما قاربه ، أو باعتبار أنّ الأوّل تعليم ودعاء وهذا دعاء فقط ، أو باعتبار أوّل الدعاء وهذا الدعاء ، والمعنى : أنّك قد دعوتَ اللّه لي فيما مضى فما نسيتُ شيئاً ، فهذا الدعاء لتخوّف أن يقع منّي نسيان فيما يأتي؟ فقال :لا ، لَستُ أتخوّف عليك النسيان والجهل ؛ فدعاؤه عليه السلام ثانياً كالتأكيد للدعاء الأوّل ، أو لما يقتضي زيادة عمّا فهّمه وعلّمه ممّا كان باقيا قبل الدعاء ممّا به تمام منصب الإمامة .
وذكر الجهل لمعنى أنّي لستُ أتخوّف عليك النسيان فتكون بسببه جاهلاً ، فإنّ الإمام لو نسي شيئاً واحداً كان جاهلاً بالنسبة إلى ذلك الشيء ، وهو أجلّ من أن يكون منه ذلك . ويحتمل أن يكون المراد بالجهل ما هو أعمّ من ذلك .
و«الحكم» بمعنى الحكمة ، ويحتمل أن يكون بكسر الحاء وفتح الكاف جمع حكمة ؛ واللّه تعالى أعلم بمقاصد أوليائه .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 98426
صفحه از 715
پرینت  ارسال به