503
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.وفي حديث آخر : «خُذوا بالأحدَثِ» .

۱۰.محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عيسى ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن داودَ بن الحُصين ، عن عمرَ بن حنظلةَ ، قال :سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجلَيْنِ من أصحابنا بينهما مُنازَعَةٌ في دَيْنٍ أو ميراثٍ ، فتحا كما إلى السلطان وإلى القضاة ، أيحِلُّ ذلك؟ قال : «من تَحاكَمَ إليهم في حقٍّ أو باطلٍ فإنّما تَحاكَمَ إلى الطاغوت ، وما يَحْكُمُ له

وقوله عليه السلام في الحديث الآخر : «خُذُوا بالأحدث» إن كان سؤال هذا الحديث مثل سؤال الحديث الأوّل ، فمعناهما واحد أو متقارب ، إلاّ احتمل أن يدخل تحت «الأحدث» ما يشمل ما كان أحدث من إمام واحد ؛ واللّه أعلم .
[قوله :] في حديث عُمَرَ بن حَنظلة : (فتحَاكما إلى السلطانِ أو إلى القُضاةِ) .
المراد بالسلطان والقضاة سلطان الجور وقضاته ؛ لأنّه لم يمكن ۱ من يسمّى سلطاناً ويكون عادلاً ولا قاضيا كذلك ، ولدلالة المقام وسياق الكلام على ما ذكر ؛ وهو ظاهر .
قوله عليه السلام فيه : (مَن تَحاكَمَ إليهم في حقٍّ أو باطلٍ فإنّما تَحاكَمَ إلى الطاغوتِ ، وما يَحكُمُ له فإنّما يأخُذُ سُحتاً وإن كانَ حقّاً ثابتاً له ؛ لأنّه أخَذَه بحُكْمِ الطاغوتِ وقد أمَرَ اللّه ُ أن يُكْفَرَ به ، قالَ اللّه ُ تعالى :« يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّـاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ »۲) .
يحتمل أن يكون «يحكم» مبنيّاً للفاعل وضميره يعود إلى الطاغوت ، وهو أقرب من عوده إلى السلطان أو القاضي المفهوم من القضاة . و«ما» موصولة بمعنى «مَن» والعدول عن «من» لتنزيل من يفعل هذا الفعل الشنيع منزلة من لا يعقل ؛ من حيث إنّ من لم يعمل بمقتضى عقله كان كغير العاقل ، فيلحق بما لا يعقل ، أو لكونه بمعنى المحكوم له ، كما قيل في قوله تعالى : « أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُكُمْ »۳ إنّه أتى بـ «ما» لإرادة الوصف ۴ .
ويخطر بالبال وجه ـ واللّه أعلم ـ فيما ملكت أيمانهم : أنّ ذكر «ما» لكون ملك اليمين يجري فيه البيع والهبة ونحوهما ممّا لا يجري على الإنسان من غيره ، فنزل منزلة من لا يعقل لذلك . وعلى التوجيه المذكور لايحتاج إلى تقدير عائد الموصول ومفعولٍ لـ «يأخذ» ، وجعلِ الحال أو ۵ التميز مفعولاً مكان المفعول به كما يأتي .
ويحتمل أن يكون ۶ «ما» موصولة وعائدها محذوف ، تقديره «به» مع الجارّ ، ومفعول «يأخذ» أيضاً محذوف بتقدير «يأخذه» . وفي هذا الاحتمال «ما» جارية على أصلها ، لكن فيه ما ذكر من الحذف ونحوه .
ويحتمل أن يكون «يحكم» مبنيّاً للمفعول . وممّا ذكر في المبنيّ للفاعل يعلم وجه المبنيّ للمفعول .

1.في «ب» : «لم يكن» .

2.النساء (۴) : ۶۰ .

3.النساء (۴) : ۳ ؛ المؤمنون (۲۳) : ۶ ؛ المعارج (۷۰) : ۳۰ .

4.انظر : مجمع البيان ، ج ۶ ، ص ۱۷۹ ؛ وج ۷ ، ص ۱۷۷ ؛ والمفردات ، للراغب ، ص ۴۷۹ .

5.في «ألف ، ب» : - «الحال أو» .

6.في «ألف» : «أن تكون» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
502

۰.آخركم ، بأيِّهما نأخُذُ؟ فقال : «خُذوا به حتّى يَبلُغَكم عن الحيّ ، فإن بَلَغَكم عن الحيّ ، فَخُذُوا بقوله» . قال : ثمَّ قال أبو عبداللّه عليه السلام : «إنّا ـ واللّه ـ لا نُدخِلُكم إلاّ فيما يَسَعُكُم» .

وقوله عليه السلام : «خذوا به» أي بحديث الأوّل ، أو بقوله بقرينة قوله : «فخذوا بقوله» . والمآل واحد ، والاحتمال يجري هنا أيضاً .
وكان في قوله عليه السلام : «حتّى يبلغكم عن الحيّ» قرينة مّا على الاحتمال ، فإنّه يظهر منه أنّ معناه : حتّى يبلغكم ذلك الحديث ، وإلاّ لقال عليه السلام : «حتّى يبلغكم حديث عن الحيّ» ولكن دلالة المقام على أنّ المراد حتّى يبلغكم غيره أو حديث عن الحيّ مخالف ۱ بحسب الظاهر .
ويؤيّد الأوّل ـ مع ما ذكر ـ أنّ العمل بقولهم ، سواء كان قول الأوّل أم الآخر ، إذا لم يكن فيه اختلاف واحد ، ولا يترتّب على تعيين من قاله من جهة العمل فائدة ، إلاّ أن يقال : إنّ كلّ آخذ ۲ يجب عليه العمل بقول إمام زمانه إذا بلغه ، والحيّ إمام زمان من كان حيّاً ، وإن كان الميّت أيضاً إمامه ؛ فتأمّل ، واللّه تعالى أعلم .
وقوله عليه السلام : «إنّا واللّه لاندخلكم إلاّ فيما يسعكم» معناه أنّهم عليهم السلام لا يضيّقون على شيعتهم ، بل يوسّعون عليهم بأمرهم في كلّ وقت بما يسهّل عليهم وما فيه مصلحتهم بتفويض ذلك إليهم عليهم السلام من اللّه ورسوله لمصلحتهم ومصلحة شيعتهم ونحوها .

1.في «ج» : «يخالف» . والأولى : «مخالفة» أو «تخالف» .

2.في «ألف» : «كلّ أحد» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 97475
صفحه از 715
پرینت  ارسال به