521
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
520

۰.في هذا المجلس ، قال : سألتُ أبا عبداللّه عليه السلام عن اختلافِ الحديثِ يَرْويه من نَثِقُ به ومنهم من لا نَثِقُ به؟ قال : «إذا وَرَدَ عليكم حديثٌ ، فوَجَدْتم له شاهدا من كتاب اللّه أو من قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله وإلاّ فالذي جاءكم به أولى به» .

[قوله :] في حديث ابن أبي يعفور : (قال : سألتُ أبا عبداللّه عليه السلام عن اختلافِ الحديثِ يَرْوِيه مَن نَثِقُ به ، ومنهم من لا نَثِقُ به؟ قال : «إذا وَرَدَ عليكم حديثٌ ، فوَجَدْتُم له شاهداً من كتابِ اللّه ِ عزّ وجلّ ، أو من قولِ رسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، وإلاّ فالذي جاءكم به أولى به») .
معنى قول الراوي «عن اختلاف الحديث» يحتمل أوجهاً يترتّب على كلّ منها مايناسبه من الجواب .
أحدها : أن يكون المراد : سألته عن الحديث يختلف ۱ رواته ، فبعضهم ممّن نثق به وبعضهم ممّن لانثق به ، فهل يجوز الاعتماد على كلّ ما يصل إلينا ، أو يختصّ بمن نثق به؟
الثاني : أن يكون المراد : أنّ الأحاديث المختلفة تصل إلينا ممّن نثق به وممّن لانثق به ، فما وجه المختلف من الجميع ؟ وهل يجوز العمل برواية من نثق به مع الاختلاف الحاصل في روايته وكذا من لانثق به ، أو لا؟
الثالث: أن يكون المراد: سألته عن الاختلاف الذي يقع في الحديث برواية من ذكر ، بمعنى أنّه يروي ما يكون مخالفاً لما هو مرويّ عندنا وثابت لدينا عنكم .
الرابع : أن يكون المراد : سألته عن الحديث الذي يروى مختلفاً من الثقة وغيره ، بمعنى أنّ الراوي الثقة يرويه تارةً على وجه واُخرى على وجه آخر ، وكذا غير الثقة ، وما هذا شأنه كيف حكمه؟ فأجابه عليه السلام بقوله : «إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب اللّه » إلى آخره .
فمناسبة الجواب للوجه الأوّل أن يحمل الحديث الوارد على حديث من لا يوثق به ، فإنّ من يوثق به حكمُه معلومٌ من غير هذا الحديث ، أو بقرينة دلّت عليه من التخاطب .
والجواب على الوجه الثاني يمكن حمله على إطلاقه ، فإنّ راوي الأحاديث المختلفة وإن كان يظنّ الوثوق به ، لكن بسبب الاختلاف يرجع فيه إلى الشاهد ، ومن لا يوثق به أمره ظاهر .
ونحو هذا يُناسب الوجه الثالث ، فإنّ ما كان مرويّاً مقرّراً إذا ورد ما يخالفه من الثقة يرجع فيه إلى الشاهد من الكتاب أو قول الرسول ، ولاينافي وجود ما في الكتاب أو قول الرسول صلى الله عليه و آله مخالفاً ظاهراً لما عندهم منهم عليهم السلام ؛ لإمكان كونه لمصلحة التقيّة ونحوها .
وعلى الوجه الرابع الجواب أيضا على إطلاقه ، فإنّ الراوي الواحد وإن كان يعتقد أنّه ثقة ، فالاختلاف في روايته ينافي ذلك ، أو يكون باعثا على ردّ مثل هذه الرواية .
ومن جملة الشاهد من قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله ما كان من قولهم عليهم السلام ، فإنّ قولهم وقوله واحد . وأظنّ أنّ الاقتصار عليه في هذا الحديث ونحوه للتقيّة .
ويمكن أن يقال : إنّ أصل الجواب ورد موردَ التسقيّة في هذا ونحوه ، بأن يكون عليه السلام أمَرَ بما يوافق الكتاب وقول الرسول ؛ لأنّ الثقة قد ينقل عنهم ما هو مختلف ويكون حقّاً ، مع أمرهم بطريق العمل بالمختلف وقولهم به للمصلحة كما تقدّم ، فأراد عليه السلام أن لا يظهر هذا مع أنّ كلامه حقّ ، فإنّه يرجع إلى ما في الكتاب وقول الرسول صلى الله عليه و آله على الوجه الذي تقدّم التنبيه عليه .
وما كان من غير الثقة ، فإن وافَقَ الكتاب أو قول الرسول أو قولهم يعمل به ، وإلاّ فلا ؛ فقد أتى عليه السلام بكلام حقّ موافق للتقيّة ، ولا عهدة عليه فيه من أحد ولا اعتراض ؛ واللّه تعالى أعلم . والشاهد من قول الرسول عليه السلام لاينافي كونه في الكتاب ، فإنّ شاهد الكتاب مثل المحكم والظاهر وما علم معناه ، وقول الرسول صلى الله عليه و آله قد يكون مبيّناً لما لم يظهر حكمه من الكتاب ، وكان هذه الأحاديث المتضمّنة للرجوع إلى الكتاب تدلّ على جواز العمل بظواهره وغيرها ممّا يجوز العمل به مع الشروط المعتبرة في معرفتها .
وضمير «يرويه» يجوز رجوعه إلى «الحديث» وإلى «اختلاف الحديث» ولا يخفى عليك مناسبة كلّ منهما لما تقدّم من الأوجه في السؤال والجواب بعد الملاحظة والتأمّل .
وكذا جملة «يرويه» فإنّها تحتمل الحاليّة والوصفيّة والاستئناف تفريعا على ما تقدّم . وقد تقدّم مكرّراً ما يعرف به معنى «أولى به» في قوله عليه السلام : «وإلاّ فالذي جاءكم به أولى به» . وعلى الحمل على التقيّة يمكن إجراء التفضيل على أصله وغيره ؛ فتدبّر .

1.في «د» : «يختلف» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 97351
صفحه از 715
پرینت  ارسال به