۹.عِدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن أبي إسماعيلَ إبراهيمَ بن إسحاق الأزدِيّ ، عن أبي عثمان العَبْديّ ، عن جعفرٍ ، عن آبائه ، عن أميرالمؤمنين عليهم السلام، قال : «قالَ رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله لا قولَ إلاّ بعَمَلٍ ، ولا قولَ ولا عملَ إلاّ بنيّةٍ ، ولا قولَ ولا عملَ ولا نيّةَ إلاّ بإصابة السنّةِ» .
قوله صلى الله عليه و آله في حديث أبي عثمان العَبْديّ : (لا قولَ إلاّ بعمل ، ولا قولَ ولا عملَ إلاّ بنيّةٍ ، ولا قولَ وعملَ ونيّةَ۱
إلاّ بإصابةِ السُّنَّةِ) .
هذا الحديث كحديث «إنّما الأعمال بالنيّات» ۲ يدلّ على أنّ جميع الأعمال تفتقر في الثواب عليها إلى النيّة ، كما ذكره جدّي قدّس سرّه ۳ ، سوى ما شذّ من نحو الكرم ، والنيّة إن دخلت تحت العمل ، وإلاّ كانت مستثناة من العبادة المفتقرة في ترتّب الثواب عليها إلى النيّة . والظاهر عدم دخولها تحته ؛ للزوم التسلسل ، وتكلّف الجواب عنه .
ويدلّ هذا الحديث على أنّ الأقوال كالأعمال في ذلك ، وعلى عدم صحّة ما يوصف بالصحّة من القول والعمل بدون النيّة .
والظاهر أنّ القول داخل تحت العمل في حديث «إنّما الأعمال بالنيّات» فيدلّ على هذا أيضاً .
والعدول عن العلم إلى القول ليدخل تحته بعض الأقوال وإن رجع بعضها إلى العلم والعمل بنوع من التوجيه ، كقول الإنسان ما ينبغي اتّباعه بالعمل ليترتّب عليه الصدق ، وكأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ووعظه غيره ، فإنّ جميع هذا وما أشبهه مع عدم العمل به لايترتّب عليه ما يترتّب على الجمع بين القول والعمل؛فنفي القول والعمل نفي لما يترتّب عليهما وكذا النيّة ، وليدخل تحته ما كان من العبادات قوليا .
والحاصل أنّ كلّ ما دخل تحت القول والعمل ما لم يكن بنيّة ، فهو إمّا غير صحيح أو عارٍ عن الثواب ، سوى ما شذّ . والقول والعمل والنيّة إذا لم تكن على وجه مأخوذ من السنّة كانت عبثاً ، بخلاف ما إذا كان مأخذها السنّة .
وترك لفظ «لا» في العمل والنيّة لدفع زيادة التكرار ، مع الدلالة على المقصود بدخول «لا» في أوّل الثلاثة ، وتكرارها في الثاني لنفي كلّ واحد بالاستقلال لمغايرته للآخر ، وبعد أن علم هذا من الثاني لا يحتاج إليه في الثالث .
ولمّا علم أيضاً أنّ النيّة مصاحبة لكلّ منهما ، لم يحتج إلى نفيها بخصوصها ، خصوصا مع عدم تقدّم النفي على ما قبلها وملاحظة التكرار .
والظاهر أنّ المراد «بإصابة السنّة» كون ذلك بطريق السنّة المعلوم كونه سنّة ، لا مجرّد الموافقة ، فإنّه قد تقدّم أنّ الإصابة بهذا المعنى خطأٌ ، ولفظ الإصابة قد يشعر به ؛ فتأمّل ، واللّه تعالى أعلم .
1.في الكافي المطبوع وبعض نسخه : «ولا قول ولا عمل ولا نيّة» .
2.تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۸۳ ، ح ۲۱۸ ؛ و ج ۴ ، ص ۱۸۶ ، ح ۵۱۸ ـ ۵۱۹ ؛ الأمالى ، للطوسي ، المجلس ۲۹ ، ضمن ح ۱۰ .
3.راجع : مسالك الأفهام ، ج ۱۰ ، ص ۵۷ ـ ۶۶ ؛ و ج ۱۱ ، ص ۳۹۷ ؛ وروض الجنان ، ص ۲۵۴ .