في حديث محمّد بن إسحاق ۱
قوله : (إنّ عبداللّه الدَّيَصاني 2 ...)
الظاهر أنّ الديصاني قصد بقوله : (أيقدر 3
أن يُدخِلَ الدنيا كلَّها البَيْضَة) ما أجاب به الإمام عليه السلام بدليل خروجه من عند هشام ودخوله على أبيعبداللّه عليه السلام وطَلبِ الدلالة لما علم من جواب هشام . إنّ الجواب من الإمام عليه السلا 4 : (فَخَرَجَ عَنْهُ وَلَم يُخْبِرْهُ بِاسْمِه ...) .
ظاهر هذا الكلام أنّ وجه خروجه أنّه بعد علمه برتبته عليه السلام كان يتوقّع منه دليلاً برهانيّا ، فلمّا سأله عن اسمه ظَنَّ عنه إلزامه بالدليل الخطابي ، فخرج ليعود إليه ويسأله بغير هذه العبارة ، ليجيبه عليه السلام بالدليل الإلزامي ؛ واللّه أعلم .
في حديث هشام بن الحكم ۵
قوله عليه السلام : (وإنْ زَعَمْتَ ...) .
المعنى ـ واللّه أعلم ـ أنّه مع كون أحدهما قويّا والآخر ضعيفا يلزم غلبة القويّ
الضعيف وإعدامُه ؛ فيكون الموجود واحدا .
قوله عليه السلام : (فإن قلتَ ...) .
أي إن أنكرت وحدانيّته ، ولم تكتف بهذا ، وأردت عليه دليلاً ينبّه عليه ، فهاك . وتقرير الدليل : أنّهما لايخلو ۶ إمّا أن يكونا متّفقين من جميع الجهات ، أو مفترقين كذلك . والثاني باطل؛ لأنّ اختلاف المؤثّر يلزم منه اختلاف الأثر،وعدم الاختلاف وجدانيّ،فثبت الاتّفاق، وإذا ثبت اتّفاقهما ـ أي اتّحادهما من جميع الجهات ـ ارتفعت الاثنينيّة ؛ وهو المطلوب .
فإن قلت : يمكن اختلافهما من جهة واحدة ، فلم حصر عليه السلام الاختلاف ۷ في القسمين فقط؟
قلنا : إذا اختلفا من جهة واحدة ، ثبتت الاثنينيّة ، فصار كلّ منهما غير الآخر ، فتكون الجهات الباقية جميعها مختلفةً ، وأقلّ فارق بينها اثنينيّتها ؛ لكونها في هذا وفي ذاك .
قوله عليه السلام : (فَصارَتِ الفُرْجَةُ ثالِثا) .
كأنّ المخاطب كان مجسّما ، وإلاّ يمكن أن تكون الفرجة صفة عين ذات أحدهما ، فلاتكون ثالثا ؛ واللّه أعلم .
قوله عليه السلام : (لايُدْرَكُ بِالحَواسّ) .
أتى بالباء هنا ؛ لأنّ الحواسّ آلة للإدراك بخلاف الوهم ؛ فإنّه فاعل .
1.الكافي ، ج۱ ، ص۷۹ ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث ، ح۴ .
2.«الدَيَصاني» : منسوب إلى الدَيَصان . وهو مصدر داص يدص ، أي زاغ وحاد ومال . ومعناه الملحد ؛ لميله عن الدين بعد أن كان فيه ؛ إذ هو من تلامذة الحسن البصري . مال عن الدين لعدم قدرة اُستاذه على حلّ الشبهات . قال المحقق الشعراني : هذا غير مطابق للواقع ، والصحيح أنّ الديصانيّة كانوا قوما من الزنادقة القائلين بالنور والظلمة ، وأنّ الديصان اسم رئيسهم . انظر : الصحاح ، ج۳ ، ص۱۰۴۰ (ديص) ؛ شرح صدرالمتألّهين ، ج۳ ص۲۸ ؛ شرح المازندراني ، ج۳ ، ص۴۶ ؛ مرآة العقول ، ج۱ ، ص۲۵۶ .
3.في الكافي المطبوع : «يقدر» بدل «أيقدر» .
4.ا ظهر له من الجواب من الإخبار عمّا أضمره ، وكان هشام أيضا فهم من كلام الديصاني أنّ مراده بالإدخال غير الإدخال الذي هو الإيلاج ؛ بقرنية أنّ الديصاني كان عالما لايسأل عن المحال في نفسه ، وإلاّ لكان يجيبه بأنّ هذا ممتنع ، وعلى هذا فلا إشكال ؛ واللّه أعلم .
فيه أي في حديث محمّد بن إسحاق .
5.الكافي ، ج۱ ، ص۸۰ ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث ، ح۵ .
6.كذا ، والصحيح : «لا يخلوان» .
7.كذا ، والظاهر : «الاحتمال» والمراد من «القسمين» هما : الاختلاف من كلّ الجهات والاتّفاق كذلك ، والاحتمال الثالث هو الاختلاف من وجه وجهة ، والاتّحاد من جهة .