555
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

باب أدنى المعرفة

في حديث الفتح بن يزيد ۱

قوله عليه السلام : (الإقْرارُ بأنّه لا إلهَ غيرُه ...) .
لابدّ في التوحيد من الإقرار بجميع هذه الأشياء ؛ لأنّ نفي الشريك لاينفي الشبيه ، ونفي الشبيه لاينفي النظير ؛ لأنّ المتشابهين لابدّ وأن يكون فيهما وجها شبه تامٍّ ، والنظيرين أعمّ ، ثمّ اعتقادِ ۲ أنّه قديم .
قوله عليه السلام : ([وأنّه قَديمٌ] مُثْبَتٌ ، موجودٌ ، غَيْرٌ فَقيدٍ) .
صفاتٌ ۳ للقديم يؤكّد بعضها بعضا ، ولهذا لم يقل «وأنّه» ۴ فيها ، وأتى بها في «أنّه ليس كمِثْلِه شَيْءٌ» ؛ لأنّ القدم قد يطلق على العدم ، كما يقال : العدم سابق على الوجود ، والعدم ليس له نهاية ، فيكون قديما .
قوله عليه السلام : (وأنّه ليس كمِثْلِه شَيْءٌ) .
دَفْعٌ لما قد يتوهّم من أنّ المراد من «لا إله غيره» أنّه لا إله لمخلوق خاصّ ، لا لجميع المخلوقات . وتقريره : أنّه لوكان إلها آخر لمخلوق آخر ، لزم أن يكون مثله ، فلمّا نفينا مثله انتفت جميع الآلهة ؛ ضرورة انتفاء الملزوم عند انتفاء اللازم .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۸۶ ، ح۱ .

2.عطف على «الإقرار» .

3.أي الكلمات «مثبت» ، «موجود» ، «غير فقيد» صفات لقوله : «قديمٌ» .

4.أي لم يقل : وأنّه مثبت وأنّه موجود وأنّه غير فقيد ، فضمير التأنيث في «فيها» راجع إلى الصفات . والضمير في «بها» راجع إلى كلمة «أنّه» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
554

في حديث منصور بن حازم ۱

(قلت لهم : إنَّ اللّه َ أجلُّ۲وأكرَمُ من أن يُعْرَفَ بخَلْقه ...) .
الاستدلال إمّا بالمعلول على العلّة ، أو بالعلّة على المعلول ، ولمّا كان العلم بأنّ هذه الآثار ـ المعلومَ لنا تغيُّرُها وتبدّلها ـ لابدّ لها من مؤثّر بديهيّا ، وأردنا معرفة ذلك المؤثّر ، علمنا أنّه لابدّ أن يكون غيرَها وأن لايشبهها ؛ لأنّه لو أشبهها ، افتقر إلى مؤثّر آخَرَ ، وكذلك علمنا أنّ كلّ شيء له مشابهةٌ مّا بهذه الأشياء كالاشتراك في الجسميّة أو الحركة أو الاحتياج إلى حيّز إلى غير ذلك ، فحصل لنا علم آخَرُ بأنّ جميع هذه الأشياء لاتشبهه ، فينبغي أن تكون مخلوقةً ، فالعلم بأنّ جميع هذه الأشياء ـ سواء كان تغيّرها وتبدّلها معلوما لنا أو غير معلوم ـ مخلوقة حصَل لنا من معرفته ، فصَدَق قوله : «إنّ العباد ۳ يُعرَفونَ باللّه » .
وأمّا قوله : «إنّ اللّه أجلُّ وأكرمُ من أنْ يُعرَفَ بخَلْقه» معناه ۴ ـ واللّه أعلم ـ : أجلّ وأكرم من أن يعرف بأنّه جسم أو جوهر إلى غير ذلك ؛ لأنّه خلقه وغيره ، والشيء لايكون غيرَه ؛ ولا علّة لنفسه ، والمراد بالعباد ما سوى اللّه تعالى ؛ لقوله عزّوجلّ : «وَ إِن مِّن شَىْ ءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِى وَ لَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ» .۵
ويحتمل أن يكون المعنى أنّ اللّه أجلّ وأكرم من أن يكون سبب معرفته تعريفَ الخلق له ، بل هو تعالى عرّفهم نفسه ، وإلاّ لم يعرفوه .
ويؤيّد هذا ما يأتي في باب البيان والتعريف في حديث محمّد بن حكيم : قال : قلتُ لأبي عبداللّه عليه السلام : المعرفة من صُنع مَن هي؟ قال : «مِن صُنْعِ اللّه ، ليس للعباد فيه ۶ صُنعٌ» ۷ . ولايخفى مناسبة «أجلّ وأكرم» لهذا المعنى ، ف «يعرف» لم يسمّ فاعله على الوجهين، و«يعرفون» كذلك على الأوّل، ومبنيّ للفاعل على الثاني؛ واللّه أعلم.

1.الكافي ، ج۱ ، ص۸۶ ، ح۳ .

2.في الكافي المطبوع : + «وأعزّ» .

3.في الكافي المطبوع : «بل العباد» .

4.كذا ، والأولى : «فمعناه» .

5.الإسراء (۱۷) : ۴۴ .

6.في الكافي المطبوع : «فيها» .

7.الكافي ، ج۱ ، ص۱۶۲ ، باب البيان والتعريف ولزوم الحجّة ، ح۲ .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 97638
صفحه از 715
پرینت  ارسال به