581
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

في حديث ابن سنان ۱

قوله عليه السلام : (ما كانَ مُحتاجا إلى ذلك ...) .
لمّا سأله السائل عن أنّه هل كان يرى نفسه ويسمعها ، أجابه عليه السلام بما حاصله بأنّه لو صحّ ذلك لزم احتياجه ، واللّه تعالى ما كان محتاجا ؛ وذلك لأنّه يلزم من ذلك أن يكون غيرها حتّى يسألها ، فتجيبه ليسمع كلامها أو يراها ويخاطبها ويطلب منها ، وهو باطل ، وإلاّ لزم التعدّد ، فلزم الاحتياج ، واللّه تعالى قدرته نافذة دائما .
والحاصل أنّه لمّا كان الإنسان محتاجا إلى رؤية نفسه ليدفع عن نفسه الضرر ، وكذا سماع صوت نفسه ليعلم ما يقول ، دلّ ذلك على عَجْزه واحتياجه ، واللّه سبحانه وتعالى قادر غير محتاج إلى شيء من ذلك ، فرؤية نفسه ليست واجبة ، لكنّه يجب أن يرى الغير ويسمع كلامه ؛ لأنّها فرع القدرة ، فلو وجب رؤية نفسه وسماع كلامها ، لزم أن تكون غيره ؛ لعدم وجوب سماع نفسه ورؤيتها ؛ لتأدّيه إلى الإحتياج ، ولو كانت غيره لزم منه الإحتياج أيضا ؛ للزوم التعدّد المؤدّي إلى الإحتياج والافتقار ، فدلّ هذا على عدم وجوب سماع نفسه ورؤيتها ، فقد كان اللّه سميعا بصيرا ولا مسموع ولا مبصر ، وإلاّ لكانا نفسه فيلزم احتياجه ، أو غيره فيلزم التعدّد المؤدّي إلى الاحتياج ؛ وهما باطلان ؛ فدلَّ بطلان اللازم على بطلان الملزوم .
قوله عليه السلام : (فليس يَحتاجُ أن يُسَمِّيَ نَفْسَه ...) .
أي لمّا علم أنّه هو نفسه وعدمُ ۲ التعدّد اللازِم من وجوده عدم القدرة الثابت اتّصافه بها ، فهو تعالى ليس محتاجا إلى تسمية نفسه ؛ لأنّ فائدة الاسم الدعاء به ، ومع عدم الداعي لا حاجة إلى الاسم .
فإن قيل : بعد خَلْقه الخلق احتاج إلى ذلك .
قلنا : المحتاج الخلق ، لا هو تعالى ، وإلاّ لزم تغيّر الذات ؛ لأنّه لم يكن محتاجا ، ومعنى احتياجه تعالى إلى شيء وجوب اتّصافه به وكونه عين ذاته ، ولرفع هذا السؤال قال عليه السلام : (ولكن۳اختارَ لنَفْسِه أسماءً لغيره يَدْعُوهُ بها) . فاللام في «لنفسه» للاختصاص ، أي هذه الأسماء اختارها ، وخصّ بها نفسه ، وفي «لغيره» للعلّيّة ، أي العلّة الغائيّة من هذا الاختيار راجع ۴ إلى الغير . وقوله : «يدعوه بها» بيان للعلّة ، أي علّة الاختيار الدعاء بها .
وقوله : (إذا لَمْ يُدْعَ بِاسْمِهِ [لم يعرف] ...) بيانٌ لهذا الاختيار المعلوم ، أي اختياره هذه الأسماء المخصوصة للدعاء ؛ لأنّ مع عدمها لا يمكن الدعاء .
بيان ذلك ؛ أنّه لمّا كانت الناس محتاجة إلى دعائه لجلب النفع ودفع الضرر وتحصيل الثواب ، احتاجوا إلى اسم يدعوه به ؛ لأنّ سبب الدعاء بغير الاسم عدم المعرفة ، واللّه تبارك وتعالى أرادَ لخَلْقه معرفته ، فخَلَقَ الأسماء لمعرفته ؛ لإظهار عبوديّته ودعائه عند الاحتياج .
قوله عليه السلام : (لأنّه أعلى الأشياءِ كلِّها) .
هذا علّة لاختيار هذين الاسمين ، لا للأوّليّة ؛ واللّه أعلم .
ويحتمل أن يكون علّة الأوّليّة أنّ هذه الأسماء إنّما خلَقها للاحتياج إليها ، وأوّل شيء يحتاج المخلوق إليه تعظيمه تبارك وتعالى ؛ لإخراجه من العدم إلى الوجود ، وهذا الاسم أبلغ في المراد ، فلهذا كان أوّل مختار ؛ واللّه أعلم .
قوله عليه السلام : (فمعناه : اللّه ُ ، واسمُه : العليُّ العظيمُ) .
يحتمل أن يكون المراد أنّ «اللّه » من الأركان ، و«العليّ العظيم» من أسماء الأركان ، ويكون الضمير في «واسمه» عائدا إلى «اللّه » ، أي اسم هذا الركن «العليّ العظيم» .
ولمّا كان هذا الكلام يوهم أنّ اسم هذا الركن منحصر في «العليّ العظيم» . قال عليه السلام : (هو أوّلُ أسمائه) .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۱۳ ، ح۲ .

2.عطف على «أنّه» أي لمّا علم عدم التعدّد .

3.في الكافي المطبوع : «ولكنّه» .

4.كذا ، والصحيح : «راجعة» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
580
  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 79091
صفحه از 715
پرینت  ارسال به