583
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

في حديث محمّد بن سنان ۱

(قال : سألْتُه عن الاسمِ ما هو ؟ قالَ : «صفةٌ لمَوْصُوفٍ» ) .
الظاهر من هذا أنّ جميع أسمائه تعالى مشتقّة .

في حديث عبدالأعلى ۲

قوله عليه السلام : (اسمُ اللّه ِ غَيْرُهُ ...) .
أخبر عليه السلام أنّ الاسم غير المسمّى ، ثمّ أورد الدليل عليه بأنّ (كلُّ شيءٍ وَقَعَ عليه اسمُ شيءٍ) ، أي اسم صفة من الصفات ؛ لأنّ هذه الألفاظ أسماء للمعاني (فهو مخلوقٌ) إلاّ اللّه تعالى ، فإنّ أسماء الصفات تقع عليه ، وهو خالق كلّ شيء .
ثمّ قال عليه السلام : (فأمّا ما عَبَّرَتْه الألْسُنُ و۳عَمِلَتْهُ۴الأيدي فهو مَخْلوقٌ) .
أي الأسماء تقع على الخالق والمخلوق ، وأمّا هي ـ أي أسماء الصفات ـ فمخلوقة ؛ لأنّها إمّا عبارة الألسن أو كناية اليد ، وهما مخلوقان ۵ ؛ فظهر من هذا أنّها غيره تعالى وخَلْق من خلقه .
ثمّ استدلَّ عليه السلام على هذا بقوله : (واللّه ُ غايةُ مَن غاياهُ)۶ ، أي إنّ اللّه موجود قبل
جميع الموجودات ؛ لأنّه لولا ذلك لزم تعدّد القدماء ، وهو باطل ، وإذا كان كذلك فهي خَلْق من خلقه .
ثمّ لمّا أوهم ذلك كون الغاية قديمة ؛ لأنّ غايته قبل غاية غيره ، قال عليه السلام : (والمعنى۷غير الغاية) ، أي إنّ المراد بالغاية معناها ، فالقديم هو المعنى لا الغاية .
ثمّ استدلّ عليه السلام على حدوث الغاية بقوله : (والغايَةُ موصوفَةٌ ...) ، أي إنّ الغاية توصف وتحدّ ، وكلّ موصوف مصنوع ، فينبغي أن تكون حادثة ؛ لأنّها لو كانت قديمة كانت صانعة ، والصانع ينبغي أن تجتمع فيه هذه الصفات ، وهو كونُه (غيرُ موصوفٍ بِحَدٍّ مُسَمّىً) ، أي بحدّ من هذه الحدود التي نعرفها ونسمّيها ، لئلاّ يلزم التشبيه ؛ وكونُه ۸(لم يَتَكَوَّنْ فتُعْرَفَ۹كَيْنونِيَّتُهُ) ، أي لم يتكوّن بكينونة معروفة ، وهي كينونة المخلوقات .
واستدلّ عليه السلام على هذا بقوله : (لصُنْعِ۱۰غَيرِهِ) ، أي لأنّ كلّ شيء غيرِه مصنوع ، والكينونة المعروفة لنا مصنوعة ؛ لأنّها غيره ، وقد كان قبلها ، فهو خالقها ومستغنٍ عنها ، فاللام في «لصنع» للتعليل ؛ وكونُه ۱۱ أيضا (لم يَتَناهَ إلى غايةٍ إلاّ كانَتْ غيرَه) ، أي ومن صفات الصانع أنّ كلّ غاية يصل إليها وتتّفق معه في الوجود هي غيره ؛ لأنّ وجودها حادث ووجوده قديم ، وهما متغايران ؛ فالغاية ليست صانعة ؛ لأنّ هذه الصفات غير مجتمعة فيها ، فتكون حادثة .
قوله عليه السلام : (لا يَزِلُّ مَن فَهِمَ هذا الحُكْمَ أبَدا) .
«يزلّ» مبنيّ للمفعول ، أي لا يتمكّن أحد أن يجيء بدليل رادّ لدليله .
قوله عليه السلام : (وهو التوحيدُ الخالِصُ) .
أي الإقرار بهذا الحكم وتعقّله هو التوحيد الخالص .
قوله عليه السلام : (فَادْعوهُ۱۲وصَدِّقُوهُ وتَفَهَّموهُ بإذنِ اللّه ِ) .
أي بما أذن اللّه لكم فيه ، وأخبر به الصادق عليه السلام من الأسماء والصفات ولا تتجاوزوها إلى غيرها .
ثمّ لمّا كان بعض الناس قائلين بأشياءَ يزعمون أنّهم مأذونون في ذلك ، صرّح عليه السلام الردَّ عليهم ، فقال : (مَن زَعَمَ أنَّه يَعْرِفُ اللّه َ بحجابٍ أو بصورةٍ أو بمثال ، فهو مُشرِكٌ) . وأتى بالدليل على ذلك ، فقال : (لأنَّ حِجابَه ومِثالَه وصورتَه غيرُه ...) أي إنّ هذه الأشياء ـ التي زعموا أنّها ثابتة له ـ أُمور متغايره ، وهو تعالى واحد موحّد ، فكيف يوحّده من زعم أنّه عرفه بغيره ؟!
وقوله : (إنّما عَرَفَ اللّه َ مَنْ عَرَفَه باللّه ِ) .
أي بالأشياء التي هي عين ذاته وغير مغايرة له ، فمن لم يعرفه بهذه الأشياء وعرفه بغيرها من الجسم والصورة والمثال فليس يعرفه ؛ لأنّه عرف الصورة والمثال ، وهي غيره .
وقوله : (ليس بين الخالِق والمخلوقِ شيءٌ) .
أي ليس شيء يكون مشتركا بين الخالق والمخلوق ؛ لأنّ اللّه خالق الأشياء
لا من شيء كان ، فلو كان شيء مشتركا بينهما ، لزم كون ذلك الشيء قديما ؛ وبطلانه ظاهر ؛ واللّه أعلم بمقاصد أوليائه عليهم السلام .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۱۳ ، ح۳ .

2.الكافي ، ج۱ ، ص۱۱۳ ، ح۴ .

3.في الكافي المطبوع : «أو» .

4.هكذا في التعليقة للداماد و شرح صدر المتألّهين والمازندراني . وفي التوحيد للصدوق ، ص۱۹۲ ، باب أسماء اللّه تعالى ، ح۶ : «ما عملته» .وفي نسخ الكافي : «عملت» .

5.كذا ، والصحيح : «مخلوقتان» سواء كان مرجع ضمير «هما» : «عبارة» و «كناية» أو «الألسن» و «اليد» .

6.كذا في بعض نسخ الكافي و التعليقة للداماد و شرح المازندراني و مرآة العقول و التوحيد للصدوق . وفي الكافي المطبوع وبعض النسخ اُخرى للكافي : «غاية مِن غاياته» . وقال العلاّمة المجلسي : صحّفت «غاياه» ب «غاياته» وكذا في بعض النسخ أيضا ، أي علامة من علاماته . مرآة العقول ، ج۲ ، ص۳۲ .

7.كذا في بعض النسخ الكافي وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني ، واستظهره الفيض الكاشاني في الوافي ، ج۱ ، ص۴۹۶ . وفي الكافي المطبوع وبعض نسخ أُخرى للكافي : «والمُغَيّى» . وأورد في مرآة العقول ، ثلاثة احتمالات : بالغين المعجمة ، اسم الفاعل والمفعول من التفعيل ، والمعنى المصطلح . وقال : «في بعض النسخ : والمعنى ، بالعين المهملة والنون ، أي المقصود» . مرآة العقول ، ج۲ ، ص۳۳ .

8.عطف على خبر «هو» .

9.هكذا في بعض نسخ الكافي والوافي والتوحيد للصدوق . وفي الكافي المطبوع وبعض نسخ اُخرى للكافي : «فيعرف» .

10.في الكافي المطبوع وكثير من نسخه : «بصُنع» .

11.«كونُه» عطف على خبر «هو» .

12.كذا في بعض نسخ الكافي وشرح صدر المتألّهين . وفي الكافي المطبوع وبعض نسخ أُخرى للكافي : «فارْعَوْهُ» من الرعاية بمعنى الحفظ أو الوفاء ، أو فارعوه من الإرعاء بمعنى الإصغاء ، تقول : أرعيته سمعي ، أي أصغيت إليه .وفي التوحيد للصدوق : «فاعتقدوه» . انظر : التوحيد ، ص۱۴۲ ، باب صفات الذات و صفات الفعل ، ح۷ ؛ التعليقة للداماد ، ص۲۶۱ ؛ شرح المازندراني ، ج۳ ، ص۳۹۰ ؛ الصحاح ، ج۶ ، ص۲۳۵۹ (رعى) .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
582
  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 79086
صفحه از 715
پرینت  ارسال به