609
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

في حديث ابن أُذينة ۱

قوله تعالى : « مايَكُونُ مِنْ نَجْوى »۲ .
في القاموس : والنجوى : السرّ كالنجيّ ، والمسارّون اسم ومصدر . ۳
قوله عليه السلام : (هو واحِدٌ واحِدِيُّ الذاتِ) .
المعنى ـ واللّه أعلم ـ أنّه تعالى واحدٌ واحديّ الذات ، أي لا اختلاف في ذاتيّاته ، بل وحدانيّته من جميع الجهات ، والخلق ليسوا كذلك ؛ لأنّه وإن كان كلّ منهم بانفراده واحد ، إلاّ أنّ ذاتيّات كلّ واحد منهم مختلفة ، فليست وجد فهم حقيقة إنّما هي بالنسبة إلى الجموع . ۴
إذا تبيّن هذا ، فهو تعالى (بَائنٌ مِنْ خَلْقِه) ، أي مباين لهم . ف «مِنْ» جارّة متعلقة باسم الفاعل ، وهو أولى من كونه ۵ فعلاً ؛ لدلالته على التحدّد والحدوث ، وهي ليست حادثة ، (وبِذاكَ وَصَفَ نَفْسَه) لقوله تعالى : « لَيْسَ كَمِثْلِهِى شَىْ ءٌ »۶ .
فظهر من هذا الكلام الشريف أنّه ليس المراد برابعهم وسادسهم أنّه مساوٍ لهم ، كما هو مفهوم من مثل هذا الكلام لو استعمل بالنسبة إلى المخلوق ؛ لأنّ معنى رابعُ ثلاثةٍ جاعلُ الثلاثة بنفسه أربعةً ، أي جاعل هذا الجنس ـ الذي أفراده ثلاثةٌ ـ أربعةً ، وذلك لثبوت المبانية ؛ بل المراد به الإحاطة ، فأتى عليه السلام بما هو دليل لهذا البيان ، وهو قوله تعالى : « إِنَّهُو بِكُلِّ شَىْ ءٍ مُّحِيطُم »۷ .
ثمّ لمّا كان المراد بالإحاطة غيرَ معلوم ، قال عليه السلام : (بِالإشْرافِ وَالإحاطَةِ) ، أي إنّ إحاطته ليست كإحاطة الأجسام بعضِها ببعض ، بل هي الإشراف والإحاطة ، أي باطّلاعه على الأشياء وعلمه بها ، وإحاطة ذلك الاطّلاع والعلم بجميع جزئيّاتها .
قوله : (والقُدْرَةِ) أي وبإحاطة قدرته جميع الأشياء بحيث لا يعجزه شيء .
ثمّ تلا عليه السلام قوله تعالى الدالَّ على أنّ علمه وقدرته شاملة جميع الأشياء « لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى السَّمَـاوَاتِ وَ لاَ فِى الْأَرْضِ وَ لاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَ لاَ أَكْبَرُ »۸ ، أي لا يغيب ولا يذهب عنه ، بل كلّها مَحصيّة معلومة له ، ثمّ فسّر الإحصاء الدالّ عليه هذه الآيةُ الشريفة أنّه بالإحاطة والعلم لا بالذات .
ثمّ استدلّ على ذلك بقوله عليه السلام : (لأنَّ الأماكِنَ مَحدودةٌ) أي إنّ الأشياء كلّها محتاجة إلى المكان ، والأماكنُ كلّها من حيث المجموع محدودة (تَحويها حدودٌ أربعةٌ) والمكان أيضا داخل في الأشياء ، فلوكانت الإحاطة بالذات ، لزم أن يكون
المكان حاويا للذات الحاوية ، كما هو حاوٍ للذات المحويّة ، فيلزم منه أن يكون له مكان ؛ وقد برهن في الأحاديث السابقة على تنزيهه عنه .
والحاصل : أنّه نفى عنه تعالى بهذا الدليل كونه له ذاتا ۹ مشابهة لذات الأشياء التي حواها علمه وقدرته .
في قوله : « الرحمن على العرش استوى »۱۰

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۲۶ ، ح۵ .

2.المجادلة (۵۸) : ۷ .

3.القاموس المحيط ، ج۴ ، ص۳۹۳ (نجا) .

4.كذا . والعبارة في الأصل مشوّشة لاتقرأ .

5.أي «باين» . كأنّه قيل : العبارة هكذا : «بايَنَ مَنْ خَلَقَهُ» .

6.الشورى (۴۲) : ۱۱ .

7.فصّلت (۴۱) : ۵۴ .

8.سبأ (۳۴) : ۳ .

9.كذا ، والصحيح : ذات . والعبارة لابدّ وأن تكون هكذا : نفى عنه تعالى بهذا الدليل أن يكون له ذات مشابهة ... .

10.طه (۲۰) : ۵ .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
608
  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 77855
صفحه از 715
پرینت  ارسال به