في حديث مالك الجهني ۱
قوله عليه السلام : (لا مُقدَّرا ولا مُكوَّنا) .
أقول : التقدير والتكوين والمشيئة والإرادة وأمثالها من صفات الفعل ، وهي حادثة ، ففسّر عليه السلام قوله تعالى : « وَلَمْ يَكُ شَيْئا »۲ بقوله : «لا مقدّرا ولا مكوّنا» ، فالإخبار عن الحالة ـ التي هي قبل هذا ـ من المخلوقين .
ثمّ فسّر عليه السلام قوله تعالى : « لَمْ يَكُنْ شَيْئا مَذْكُورا »۳ بقوله : (كان مقدّرا غير مذكور) أي كان مقدّرا غير مكوّن ؛ لأنّ كلّ مكوّن مذكور .
والفرق بين الآيتين أنّ الشيء في الأُولى باق على إبهامه ، وفي الثانية مخصَّص بالوصف .
في حديث الفُضيل بن يَسار ۴
قوله عليه السلام : (عِلْمانِ) .
لا يتوهّم من هذا تعدّد العلم ؛ لأن التعدّد بالنسبة إلى علم الملائكة والرسل به وعدمه ، لا إلى ذات العلم .
في حديث عَمرو بن عثمان الجُهَني ۵
قوله عليه السلام : (إنّ اللّه َ لم يَبْدُ له من جَهْلٍ) .
لمّا كانت الأشياء التي يبدو لنا فعلها إمّا لتجدّد متعلّقها ، أو لحدوثه قبلها وجهلنا باحتياجه إلى هذا الفعل ، فرّق عليه السلام بين الاتّصافين ، وأشار إلى أنّ ما يبدو له موافق لما تقتضيه الحكمة من غير تأخّر من وقته ولا سهو وغفلة عنه .
وأيضا فيه إشارة إلى أنّ سبب حدوث الأشياء التي تبدو له بعد أن لم يكن حدوث مقتضاها ، وهو احتياج الشيء إليها واستحقاقه لها عند حدوثها ؛ لأنّه لو تقدّم لزم سبق المعلول على العلّة ، ولمّا كان بيِّنَ البطلان لم ينبّه عليه ، ولو تأخّر فالتأخّر من الحكيم سببه منحصرٌ في الجهل والغفلة ، وهو تعالى منزّهٌ عنه ، فلهذا قال : «لم يبد له من جهل» .