في الحديث القدسي المرويّ عن الرضا عليه السلام ۱
قوله تعالى : (بمشيئتي كُنْتَ أنتَ الذي تَشاءُ [لنفسك ماتشاء] ) .
أي إنّ مشيئتك مايشاء لنفسك ـ كائنا ماكان من خير أو شرّ ـ سبُبه مشيئتي لك ، أي تخييرك وعدم قهرك وجبرك على فعل ما تحبّ ، لا لأنّ لك مشيئةً مستقلّة .
قوله تعالى : (وبقُوَّتي أدَّيْتَ فَرائضي) .
أي وبالقوّة التي منحتك إيّاه ۲ قويت على فرائضي أيضا ، لا بحول وقوّة مستقلّة فيك .
قوله : (وبنِعْمتي) أي وبما أنعمت به عليك من السمع والبصر والقوّة إلى غير ذلك (قَوِيتَ على مَعصيتي) .
وكفى بمثل هذا الكلام توبيخا لمن اعتبر ؛ أسأل اللّه الهداية لما يحبّ ويرضى .
قوله تعالى : « مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ...» .۳
وذلك لما يدلّ عليه قوله تعالى : ( وذلك أنّي أولى بحسناتِك ... ) ، أي علّة كون « مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ »۴ أنّي أولى بحسناتك منك ؛ وذلك لأنّ الحسنات سبب صدورها من العبد ما مَنَّ اللّه عليه به من الآلات التي علّتها الغائيّة وصول الأجر والثواب إلى العبد ، وسبب السيّئات تفريط العبد بعد مَنّ اللّه تعالى عليه بالآلات والقوى لتحصيل ما ينفعه وإرسال الرسل وإنزال الكتب .
قوله تعالى : (وذلك لأنّي۵لا أُسْألُ عمّا أفْعَلُ وهم يُسألونَ) . ۶
يحتمل أن يكون تعليلاً لإعطاء القوّة العامّة ، وكون فعلهم ما نهى عنه سيّئةً ، وتقريره أنّ من يسأل عمّا يفعل لابدّ وأن يكون عالما قادرا حكيما جامعا لجميع الصفات الحسنة لا يفعل ما يخالف الحكمة ولا يريد القبيح ، فجميع أفعاله متقنة محكمة ، فإعطاؤه القوّة العامّة لابدّ وأن تكون مصلحتهم فيها ، وأمّا كونهم يُسألون فدالّ على عجزهم وافتقارهم وجهلهم عمّا فيه خيرهم ، فهم محتاجون إلى الأمر لفعل ما تفتضيه الحكمة وما فيه صلاحهم ، وإلى النهي لترك مايضرّهم ولا ينفعهم ، ولئلاّ يلزم التفويض الدالّ على بطلانه العقل والنقل ، فكلّ ما أُمروا به حسنة وفيه صلاحهم ، وجميع مانهوا عنه سيّئة وفيه ضررهم ، فهما لطف وهو الأمر بين أمرين ، وهو أعلم بما قال .
1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۵۲ ، ح۶ .
2.كذا ، والصحيح : «إيّاها» .
3.النساء (۴) : ۷۹ .
4.النساء (۴) : ۷۹ .
5.في الكافي المطبوع : «وذاك أنّني» .
6.اشارة إلى آية ۲۳ من سورة الأنبياء (۲۱) .