651
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

في الحديث القدسي المرويّ عن الرضا عليه السلام ۱

قوله تعالى : (بمشيئتي كُنْتَ أنتَ الذي تَشاءُ [لنفسك ماتشاء] ) .
أي إنّ مشيئتك مايشاء لنفسك ـ كائنا ماكان من خير أو شرّ ـ سبُبه مشيئتي لك ، أي تخييرك وعدم قهرك وجبرك على فعل ما تحبّ ، لا لأنّ لك مشيئةً مستقلّة .
قوله تعالى : (وبقُوَّتي أدَّيْتَ فَرائضي) .
أي وبالقوّة التي منحتك إيّاه ۲ قويت على فرائضي أيضا ، لا بحول وقوّة مستقلّة فيك .
قوله : (وبنِعْمتي) أي وبما أنعمت به عليك من السمع والبصر والقوّة إلى غير ذلك (قَوِيتَ على مَعصيتي) .
وكفى بمثل هذا الكلام توبيخا لمن اعتبر ؛ أسأل اللّه الهداية لما يحبّ ويرضى .
قوله تعالى : « مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ...» .۳
وذلك لما يدلّ عليه قوله تعالى : ( وذلك أنّي أولى بحسناتِك ... ) ، أي علّة كون « مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ »۴ أنّي أولى بحسناتك منك ؛ وذلك لأنّ الحسنات سبب صدورها من العبد ما مَنَّ اللّه عليه به من الآلات التي علّتها الغائيّة وصول الأجر والثواب إلى العبد ، وسبب السيّئات تفريط العبد بعد مَنّ اللّه تعالى عليه بالآلات والقوى لتحصيل ما ينفعه وإرسال الرسل وإنزال الكتب .
قوله تعالى : (وذلك لأنّي۵لا أُسْألُ عمّا أفْعَلُ وهم يُسألونَ) . ۶
يحتمل أن يكون تعليلاً لإعطاء القوّة العامّة ، وكون فعلهم ما نهى عنه سيّئةً ، وتقريره أنّ من يسأل عمّا يفعل لابدّ وأن يكون عالما قادرا حكيما جامعا لجميع الصفات الحسنة لا يفعل ما يخالف الحكمة ولا يريد القبيح ، فجميع أفعاله متقنة محكمة ، فإعطاؤه القوّة العامّة لابدّ وأن تكون مصلحتهم فيها ، وأمّا كونهم يُسألون فدالّ على عجزهم وافتقارهم وجهلهم عمّا فيه خيرهم ، فهم محتاجون إلى الأمر لفعل ما تفتضيه الحكمة وما فيه صلاحهم ، وإلى النهي لترك مايضرّهم ولا ينفعهم ، ولئلاّ يلزم التفويض الدالّ على بطلانه العقل والنقل ، فكلّ ما أُمروا به حسنة وفيه صلاحهم ، وجميع مانهوا عنه سيّئة وفيه ضررهم ، فهما لطف وهو الأمر بين أمرين ، وهو أعلم بما قال .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۵۲ ، ح۶ .

2.كذا ، والصحيح : «إيّاها» .

3.النساء (۴) : ۷۹ .

4.النساء (۴) : ۷۹ .

5.في الكافي المطبوع : «وذاك أنّني» .

6.اشارة إلى آية ۲۳ من سورة الأنبياء (۲۱) .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
650

في حديث الفُضَيل بن يَسار ۱

قوله عليه السلام : (وأرادَ ولم يُحِبَّ ولم يَرْضَ ...) .
حاصل معنى هذا الحديث ـ واللّه أعلم ـ أنّه لا منافاة بين أن يشاء شيئا ويريده وهو لا يحبّه ولا يرضاه ؛ لأنّه كثيرا ما يكون أشياء لم يحبّها ولم يرضها مع أنّه شاءها وأرادها ، بمعنى أنّ مريدها ليست إرادته ومشيئته غالبةً لإرادة اللّه ومشيئته .
ثمّ مثّل له بمثالين : مثالِ تبيين ومثال توضيح .
أمّا الأوّل ، فهو قوله عليه السلام : (شاء أنْ لا يكونَ شيءٌ إلاّ بعِلْمِه ...) .
فإذا كان عالما بجميع الأشياء ولم يجبر على فعلها ولم يمنع وجودها وتحقّقها فقد شاءها ، وإلاّ لزم العجز ، تعالى اللّه عنه . وهكذا نقول في الإرادة ، فجميع الأشياء بعلمه وإرادته مع أنّه لم يحبّ جميعها ولم يرض جميعها .
وأمّا الثاني ، فقوله عليه السلام : (لم يُحِبَّ أن يقالَ : ثالثُ ثلاثةٍ ، ولم يَرْضَ لعباده الكُفْرَ) .
أي علّة بطلان هذا القول وعدم جبره يدلّ على إرادته وعدم عجزه عن النهي عنه ؛ لأنّ مع العلم لو لم يكن مريدا لهما بالمعنى المذكور ، لزم المحذور ؛ فهو مريد ومُشيء ۲ مع عدم المحبّة والرضا ؛ فاجتمعا ، فتحقّق عدم تضادّهما ؛ فليتأمّل .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۵۱ ، ح۵ .

2.كذا ، والأولى : «شاءٍ» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 95798
صفحه از 715
پرینت  ارسال به