في حديث يونس بن عبدالرحمن ۱
قوله عليه السلام : (يا يونس ، ليس هكذا ، لا يكونُ إلاّ ماشاءَ اللّه ُ وأرادَ وقَدَّرَ وقَضى ...) .
أي ليس الأمر على ظاهر هذا الكلام كيف مافُهم ، بل ينبغي أوّلاً فهم معاني مفرداته ثمّ الإقرار به .
ثمّ بيّن عليه السلام له المعنى ، فقال : (تَعلَمُ ما المشيئةُ ؟) .
ففسّر المشيئة بالذكر الأوّل ، أي التذكّر الأوّل ، ولا يخفى كون تذكّره تعالى ليس كتذكّرنا ، ثمّ فسّر الإرادة بالعزيمة ، وهي العزم على فعل الشيء ، فظهر تقدّم المشيئة على الإرادة .
قوله عليه السلام : (وإقامةُ العَيْنِ) تفسيرٌ للإبرام ؛ لأنّ إحكام الشيء لا يتحقّق من دون إقامة عينه .
قول السائل : (فَتَحْتَ لي شيئا كُنْتُ عنه في غَفْلَةٍ) .
هذا الكلام يدلّ على أنّه كان غافلاً عند التكلّم بهذه الكلمات عن معانيها ، فلهذا نبّهه الإمام عليه السلام ، فقد وقع التنبيه قبل التصريح .ونظير هذا عنهم عليهم السلام كثير .
في حديث إبراهيم بن عُمَر اليَماني ۲
قوله عليه السلام : (فما أمَرَهم به مِنْ شيءٍ ...) .
أي بعد الإقرار بأنّ اللّه تعالى خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه من طاعة ومعصية وغيرهما ، وأنّه تعالى أرسل الرسل وأمر ونهى ، فلابدّ من الإقرار
بأنّ كلّ شيء أمرهم بفعله أو تركه فقد جعل لهم السبيل إلى تركه ، أي إلى ترك الأمر أعمَّ من أن يكون بفعل أو بكفّ ؛ لأنّه لولا ذلك كان الأمر والنهي عنه [لغوا] ، والحكيم منزّه عنه ، فعلى هذا لا يكونون آخذين بما أمر به سواء كان بفعل أو بكفّ ، ولا تاركين كذلك إلاّ بإذن اللّه وإرادته ؛ لأنّ سببه جعل السبيل لهم فلو لم يأذن ، أي لم يُرِد ، أي لو أراد خلافه ، لما جعل لهم إليه سبيلاً ، ولمنعهم عن فعل ما نهى عنه ، فلم يحتج إلى الأمر والنهي ، مع أنّ البديهة قاضية بالاحتياج ، فكلّ شيء بإذنه .