۰.قد بَيَّنَه للناس ونَهَجَه ، بعلمٍ قد فصّله ، ودينٍ قد أوضحه ، وفرائضَ قد أوجبها ، واُمورٍ قد كشفها لخلْقه وأعلنها ، فيها دَلالةٌ إلى النجاة ، ومعالِمُ تدعو إلى هُداه .
قوله : (قد بَيَّنَهُ للنّاسِ) ، أي بيّنه اللّه سبحانه بعضه ببيانه تعالى ، وبعضه ببيان الرسول والأئمّة عليهم السلام وبيانهم بيان اللّه ؛ أو بيّنه بهم عليهم السلام وبيّنه للناس بعضه لجميعهم وبعضه خاصّ بهم عليهم السلام .
ورجوع ضمير «بيّنه» إلى النبيّ عليه السلام لا يناسبه السياق ، وإن احتمل بعيداً .
قوله : (ونَهَجَهُ بعلمٍ قد فَصَّلَه) .
«النهج» الطريق الواضح ، والمعنى : جعل طريقه واضحاً بالعلم الذي فصّله فيه ، أو في غيره . وأهل الذِّكر عليهم السلام اختصّوا بعلم جميع ما فيه ، فقد أوضح طريقه كلّه بنصبهم عليهم السلام وعلمهم بكلّ ما فيه ، وتعليم كلّ من أراد ؛ فالعلم المفصّل عندهم .
ويمكن إرادتهم عليهم السلام من العلم ، وإرادة واحد بعد واحد بنصّ من اللّه ورسوله من التفصيل . ويحتمل حينئذٍ قراءة «العَلَم» متحرّكَ اللام مع فتح العين ، لكنّه خلاف الظاهر .
قوله : (فيها دَلالَةٌ إلى النَّجاةِ) .
ضمّن الدلالة معنى الإيصال لتقيّده معها ، والنجاة يوقف عليه بالهاء ؛ لأنّها لتأنيث الاسم ولم يتقدّمها حرف ساكن صحيح ؛ فناسب هداهُ .
قوله : (وَمعالِمُ تَدعو إلى هُداه) .
«المعالم» جمع معلم ، وهو الأثر يستدلّ به على الطريق ؛ قاله في الصحاح ۱ ، وذكر «تدعو» للإشارة إلى أنّ مع هذه الآثار من يقوّيها ويؤ?دها ويدعو بها ؛ أو لما فيها من الدلالة حتّى صارت كأنّها تدعو بنفسها إلى الهدى .