79
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.قد بَيَّنَه للناس ونَهَجَه ، بعلمٍ قد فصّله ، ودينٍ قد أوضحه ، وفرائضَ قد أوجبها ، واُمورٍ قد كشفها لخلْقه وأعلنها ، فيها دَلالةٌ إلى النجاة ، ومعالِمُ تدعو إلى هُداه .

قوله : (قد بَيَّنَهُ للنّاسِ) ، أي بيّنه اللّه سبحانه بعضه ببيانه تعالى ، وبعضه ببيان الرسول والأئمّة عليهم السلام وبيانهم بيان اللّه ؛ أو بيّنه بهم عليهم السلام وبيّنه للناس بعضه لجميعهم وبعضه خاصّ بهم عليهم السلام .
ورجوع ضمير «بيّنه» إلى النبيّ عليه السلام لا يناسبه السياق ، وإن احتمل بعيداً .
قوله : (ونَهَجَهُ بعلمٍ قد فَصَّلَه) .
«النهج» الطريق الواضح ، والمعنى : جعل طريقه واضحاً بالعلم الذي فصّله فيه ، أو في غيره . وأهل الذِّكر عليهم السلام اختصّوا بعلم جميع ما فيه ، فقد أوضح طريقه كلّه بنصبهم عليهم السلام وعلمهم بكلّ ما فيه ، وتعليم كلّ من أراد ؛ فالعلم المفصّل عندهم .
ويمكن إرادتهم عليهم السلام من العلم ، وإرادة واحد بعد واحد بنصّ من اللّه ورسوله من التفصيل . ويحتمل حينئذٍ قراءة «العَلَم» متحرّكَ اللام مع فتح العين ، لكنّه خلاف الظاهر .
قوله : (فيها دَلالَةٌ إلى النَّجاةِ) .
ضمّن الدلالة معنى الإيصال لتقيّده معها ، والنجاة يوقف عليه بالهاء ؛ لأنّها لتأنيث الاسم ولم يتقدّمها حرف ساكن صحيح ؛ فناسب هداهُ .
قوله : (وَمعالِمُ تَدعو إلى هُداه) .
«المعالم» جمع معلم ، وهو الأثر يستدلّ به على الطريق ؛ قاله في الصحاح ۱ ، وذكر «تدعو» للإشارة إلى أنّ مع هذه الآثار من يقوّيها ويؤ?دها ويدعو بها ؛ أو لما فيها من الدلالة حتّى صارت كأنّها تدعو بنفسها إلى الهدى .

1.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۹۹۱ (علم) .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
78

۰.وعمىً عن الحقّ ، واعتسافٍ من الجور ، وامتحاقٍ من الدين .
وأنزلَ إليه الكتابَ ، فيه البيانُ والتبيانُ « قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ »

قوله : (وعَمًى عن الحَقِّ) .
في بعض النسخ «من الحقّ» وحينئذٍ فالمعنى أنّ الحقّ صار كالأعمى الذي فَقَدَ ما هو من أشرف أعضائه ولا يهتدي إلى ما يريد . وعلى ما في الأصل المعنى : عمى الناس عنه ، وهو ظاهر .
قوله : (وَاعْتِسافٍ مِنَ الجَوْرِ) .
«الاعتساف» : الأخذ على غير الطريق . و«من» في الجميع ابتدائيّة ، ويحتمل ۱ البيان في الأخير .
قوله : (فيه البيانُ والتبيانُ) .
يحتمل أن يكون «البيان» لنحو المتشابه والمجمل ؛ لقلّة بيانه ، و«التبيان» لمثل النصّ والمحكم أو العكس ؛ لاحتياج الأوّل إلى زيادة البيان ، بخلاف الثاني .
أو «البيان» من النبيّ عليه السلام ، و«التبيان» له ؛ لاطّلاعه على ظاهره وباطنه وإظهار بعضه وبيانه للناس ، أو بالعكس لظهوره له عليه السلام بالبيان ، وعدم ظهوره لغيره إلاّ بالتبيان .
أو فيه البيان لمن يحتاج إليه ، والتبيان كذلك ، أو لما يحتاج إليه كذلك .
أو أنّ «البيان» للظاهر ، و«التبيان» للباطن ، ونحو ذلك .
وهذه احتمالات ، واللّه تعالى أعلم بحقيقة الحال .
قوله : (غيرَ ذي عِوَجٍ) ، أي اعوجاج . ويمكن أن يكون ذكره دونه لأنّ المستقيم قد لا ينافي بعض الاعوجاج استقامته ، بخلاف نفي الاعوجاج ؛ واللّه أعلم .

1.في «ألف ، ج» : «تحتمل» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 104688
صفحه از 715
پرینت  ارسال به