ثم أعجب من هذا، ان جميع ما بلغ إلى طبرستان من ناحية الديلم و الجبل و البربر و الطيلسان من الرقيق و سائر الأمتعة فإنما هو إلى الري لجلالتها و كبرها و كثرة تجاراتها.
و كان عبيداللّه بن زياد قد جعل لعمر بن سعد بن أبيوقاص ولاية الري أن يخرج على الجيش الذي وجهه لقتال الحسين رضى الله عنه فأقبل يميل بين الخروج و ولاية الري أو القعود:
أأتركُ مُلك الرّيِّ و الرّيُّ رَغبَتيأم ارجعُ مذموما بقتلِ حُسَيْنِ
و في قتلِهِ النارُ التي ليس دونَهاحجابٌ و ملكُ الرّيِّ قُرّةُ عَيْنِ
[و قال ابن كربويه الرازي ۱ ، و كان أحد أصحاب الحسين بن أحمد العلوي بقزوين:
يا مُنْيةً هيَّجتْ شوقي و أحزانيلا تبعديني فبعدُ الدارِ أضناني
إنّي أُعيذُكِ بالأجفانِ يا سَكَنيأن تتركيني أخا شجوٍ و أشجانِ
إذا بَعُدْتُ يكادُ الشوقُ يقتلُنيحتى إذا طافَ طيفٌ منكِ أحياني
يا جفوةً من حبيبٍ أقرحت كبديهلاّ رثيتِ لنائي الدار حيرانِ
دامي الجفونِ نحيلِ الجسمِ محترقٍصبٍّ أسيفٍ قَريحِ القلبِ حَرّانِ
أمسى بقزوينَ مسلوبا عزيمتُهمقسَّما بين أشجانٍ و أحزانِ
أقول يومَ تلاقينا و قد سَجَعتْحمامتانِ على غصنينِ من بانِ
الآن أعلمُ أن الغصنَ لي غصصٌو إنما البانُ بَيْنٌ عاجلٌ دانِ
و قمتُ تخفضُني أرضٌ و ترفعنيأخرى و هَدَّ مسيرُ الليلِ أركاني
ما لي أُنادي فيأبى أن يُجيبَ فَتىًلو كان بالرَّيّ لَبّاني و فَدَّاني
يا نفسِ لا تَجْزَعي من ذاك و اشتَمِليثوبَ العزاءِ فإن الغائبَ الجاني
أن الّذي غَرَّه بيتانِ قالهمامُضَلِّلٌ ما لَهُ في جهلِهِ ثانِ
لا يَمنَعَنَّك خَفضَ العَيش في بَلَدٍنُزُوعُ نَفْسٍ إلى أهلٍ و أوطانِ
تَلْقى بكلّ بلادٍ أنتَ ساكنُهاأهلاً بأهلٍ و جِيرانا بجيرانِ
حتّى تركتُ لذيذَ العَيش في بلديفناءَ داري عن أهلي و إخواني
و شاقني نحوَ قَزوينِ مُنىً بَطَلَتْنَفَت رُقادي و أَذْرتْ دمعَ أجفاني
فيا لها حَسرَةً إذ عَزَّ مَطلَبُهالم تُبقِ منّي على رُوحٍ و جُثمانِ
أنا النَّذيرُ لكم يا قومِ فاستمعوامني مَقالَةُ نُصحٍ غيرِ خَوّانِ
لَلْمَوتُ بالرَّيّ خيرٌ للمقيمِ بهامن الحَياةِ بقَزوينٍ و زَنجانِ
أنّى? لها كجِنانٍ في شوارعِهايَطْفَحْنَ في كلّ بُستانٍ و مَيدانِ
أو كالمدينةِ شَطَّاها و شارعُهامن المُصَلّى إلى صحراءِ أزْدانِ
و هاتِ كالسَّرَبانِ اليومَ مُرتَبَعامن باب حَربٍ إلى ساحاتِ عَفّانِ
أنهارُها أربَعٌ مَحفُوفَةٌ زُهُرٌتحارُ فيهنّ عَينا كلِّ إنسانِ
و شارعُ السُّرِّ يُمناه و يُسرَتُهُمُحَفَّفانِ بأنهارٍ و أغصانِ
و قَصرُ إسحاقَ من فُولادَ مُنحَدِراعلى الشراك إلى دَرب الفَليسانِ
و كم برُوذَةَ من مُستَشرَفٍ حَسَنٍإلى المَضِيقِ بها من باب باطانِ
و كم بناهك من دارٍ كَلِفتُ بهاو ظَبيَةٍ تَرتَعِي في سَفْح غُدرانِ
و شادِنٍ غَنِجٍ كالبَدر صورتُهيَمِيسُ في حُلَلٍ تَلْهُو بفَتّانِ
يا رَيُّ صَلّى? عليك اللّهُ من بَلَدٍو لا أغَبَّك دارَّ (؟) القَطْر هَتّانِ
حَيِّ الديارَ بها و الساكنين بهامن النساءِ و من شِيبٍ و شُبّانِ
إلاّ بقايا بغاةِ الأرض قد جحدوادينَ المهيمنِ من كفرٍ و عدوانِ
كم حلَّ عَرصَةَ نصراباد قاطبةًمن ابنِ زانيةٍ محضٍ و كشخانِ
و كم بسكةِ ساسانٍ إذا ذُكروامن ابنِ فاجرةٍ نصٍّ و قَرنانِ
همُ الأُلى? منعوني قُربَ دارِهُمُو باعدوني عَن أهلي و خلاني
و شرّدوني عَن صحبي و عن ولديحتى لجأتُ إلى أجبالِ قصرانِ]