و جوّده و قصره و حج فأتى أباعبداللّه ۱ و وضعه بين يديه، فأخذه و نظر إليه و نشره و قال: هذا محكم العمل. فقال أبوإسماعيل أنا نسجته يا سيدي بيدي. فقال له أبوعبداللّه: فأنت نساج؟ قال: نعم. [فقال]: مرحبا بنسّاجنا، من أين أنت؟ قال: من أهل الري. قال: أتعرف التل الأحمر؟ قال: لا. قال: هو ناءٍ عن المدينة عند الباب الحديد لا يسلك إلاّ عند ارتفاع النهار. أما إن ذلك الموضع سيعمر. ثم قال: أتعرف كناسة الدواب؟ قلت: نعم. قال: فتعرف جبل الطين الأسود؟ قال: لا. قال: الجبل الذي يقال له جبل ليلا. قلت: نعم أعرفه. قال: فتعرف باب المدينة الحديدي و سورها؟ قلت: نعم. قال: عنده مصارع القوم، يقتل من صحابة [بني] ۲ العباس و شيعتهم ثمانون ألفا منهم ثمانون [ممن] يصلح للخلافة. فقلت له: جعلت فداك، ألك حاجة؟ قال: حاجتي أن تدع هذا العمل. قلت: فأي شيء أعمل؟ [قال]: كن صيقلاً. فقلت له: على كبر السن كيف أعمل؟ قال: سهّل اللّه عليك تعلّمه و نوّر قلبك و يسّره عليك.
قال: فقدمت الري فتعلمته في شهر. فكان يُروى عنه الحديث: عن أبيإسماعيل الصيقل عن أبيعبداللّه.
و كان الرشيد يقول: الدنيا أربعة ۳ منازل، قد نزلت منها ثلاثة. أحدها دمشق و الآخر الرقة و الثالث الري و الرابع سمرقند و أرجو أن أنزله. و لم أرَ في هذه البلاد الثلاثة التي نزلتها موضعا هو أحسن من السربان لأنه شارع يشتق مدينة الري في وسطه نهر، فهو حسن. عن جانبيه جميعا أشجار ملتفة متصلة و فيما بينها أسواق.
و خطب أميرالمؤمنين علي رضى الله عنه يوما فقال في خطبته:
احمدوا اللّه الذي أحصاكم عددا و وظف لكم مددا في قرارة الدنيا، فإنكم مفارقوها و منقطعون عنها و محاسبون بما عملتم فيها. لا تخدعنكم بقاي ۴ لذاتها فإنها