و البلية العظمى? بصخر الري، يقتل في ذلك الموضع ستون ألفا إلى الباب.
و الويل لأهل القزوين من الديلم، يقتل الرجال و تسبى النساء و الذراري.
و الويل لهمذان من جانب طبرستان، و الويل للري من صاحب الديلم و الويل لهم من صاحب إصبهان. في كلام طويل.
و بعث الحجاج إلى وفد كانوا قدموا عليه من الديلم فعرض عليهم الإسلام أو الجزية فأبوا أن يفعلوا شيئا من ذلك. فأمر أن يصوّر لهم بلدهم سهله و جبله و عقابه و غياضه فصُوّرت له. فدعا من قبله من الديلم فقال إن بلادكم قد صُورت لي و رأيت فيها مطمعا فاعترفوا بما دعوتكم إليه قبل أن أغزيكم الجنود فأخرب البلاد و أقتل المقاتلة و أسبي الذرية. قالوا: أرِنا هذه الصورة التي أطمعتك في بلادنا فأحضرها حتى نظروا إليها. فقالوا: قد صدقك من صَوَّرها غير أنه لم يصوّر لك الرجال الذين يمنعون هذه العقاب و الثنايا، و ستعلم ذلك لو تكلفته.
فأغزاهم الجنود و عليهم ابنه محمد بن الحجاج فلم يصنع شيئا غير أنه بنى مسجدا لأهل قزوين و نصب فيه منبرا [و هو مسجد التوث الذي على باب دار قوم يعرفون بالجنيدية. و حُكي أن عمّال خالد بن عبداللّه القسري لعنوا علي بن أبيطالب على المنبر فقام حبيش بن عبداللّه و هو من موالي الجنيد أو بنيعمه فاخترط سيفه و ارتفع به إلى العامل فقتله و قال: لا نحتملكم على لعن علي بن أبيطالب. فانقطع بعد ذلك اللعن عنه رضوان اللّه عليه]. ۱
و قال محمد بن زياد المذحجي: رأيت في مسجد قزوين لوحا مكتوبا مما أمر به محمد بن الحجاج الثقفي. و أنشد جعفر بن عمر بن عبدالعزيز:
هل تعرفُ الأبطالُ من مريمٍبين سواسٍ فلِوى? يرثمِ
فذاتِ أكنافٍ فقيعانِهافجزعِ فدفر وافِ الاحرمِ (؟)
ما لي و للريِّ و أكنافِهايا قومُ بين التركِ و الديلمِ
أرضٌ بها الأعجمُ ذومنطقٍو المرءُ ذوالمنطقِ كالأعجمِ
و لما ميّز قباذ إقليمه، وجد أنزه بقاعه بعد أن بدأ بالعراق التي هي سرّة الدنيا و الأقاليم، ثلاثة عشر موضعا: المدائن، و السوس، و جنديسابور، و تستر، و سابور، و بلخ، و سمرقند، و باورد، و بطن بنهاوند تسمى روذراور، و ماسبندان و مهرجانقذق، و تل ماسير، و إصبهان و الري. و أسرى? فواكه إقليمه سبعة مواضع: المدائن، و سابور، و ارجان، و نهاوند، و ماسبندان [142 أ] و حلوان، و الري. و أوبأ بقاع إقليمه ستة مواضع: البندنيجين، و سابور خواست، و برذعة، و زنجان، و جرجان، و الخوار ـ بطن الري ـ .
و الري سبعة عشر رستاقا منها: [الخوار] و دنباوند، و ويمة، و شلمبه [هذه التي فيها المنابر]. ۲
و في كتاب الطلسمات: إن قباذ وجّه بليناس الرومي إلى الري فاتخذ بها طلسما للغرق فأمنوه، و ذلك أنها على بحر عجّاج. و استطابها بليناس فعزم ۳ على المقام بها فآذاه أهلها فاتخذ بها طلسما للنزول فليس يجتاز بها أحد من خراسان إلاّ نزلها.
و عمل طلسما آخر للغلاء فهي أبدا غالية السعر.
ثم كتب بليناس إلى قباذ يخبره بما قد عمل من الطلسمات في بلاده و يستأذنه في المصير إلى خراسان. فكتب إليه قباذ: إن قباذ الأكبر قد طلسم ما وراء الري إلى بلخ و جرجان و سجستان [مائتين و خمسين طلسما] ۴ و ليس هناك شيء فأقبل إلينا.
[و قال الشاعر:
الريُّ أعلى بلدةٍ أسعارالا درهما تُبقي و لا دينارا
تَدَعُ الغريبَ محيَّرا في سوقِهاقد تاه ينظرُ هائما خوّارا
في كُلِّ يومٍ ينبغي لغَدائهأن كان يملك للغَدا قِنطارا
و بها أُناسٌ شَرُّ ناسٍ باعةًلا يَحفَظُون من الغريب جوارا
سِيسُوا بكلّ قَبيحَةٍ فتراهمُأَدهى? و أخبثَ مَن تحَلَّى العارا
لا يَصدُقُون و صِدقُ قولٍ فيهمِعارٌ و كلٌّ يُبغِضُ الأبرارا
إِنْ جئتَ تَسأَلُهم لتُسقى? شُربَةًقالوا إليك تَجَنَّبِ الأشرارا
فلقد لَبِسْنا العارَ حتّى ما لناإلاّ الفضائحَ مَلبَسا و إزارا]۵
و في أخبار فريدون على رواية الفرس: لما أقبل بالبيوراسف من المغرب نحو المشرق ليسجنه [بدنباوند] مرّ بكورة إصبهان ـ و قد طوى افريدون أياما لم يذق طعاما ـ فطلب قوما يمسكونه عليه ريثما يتغدى?. فجمع الملك عالما من الناس فلم يقدروا على إمساكه، فأدار سلاسله على جبل من جبال إصبهان و أوثقه بأساطين و سكك من حديد قوية. و توثق منه حتى ظن أنه قد أحكم ما أراد. حتى إذا جلس على غذائه، اجتذب البيوراسف سلاسله مع تلك الأساطين و السكك و احتمل الجبل يجره بسحره ثم طار به في الهواء، فتبعه افريدون فما لحقه إلاّ بالمدينة المعروفة ببزورند و هي الري. فلما لحقه قمعه بمقمعة من حديد كانت في يده فسقط مغشيا عليه و رسا ذلك الجبل المنقول من إصبهان بمدينة الري. فهو الآن جبلها المطلّ عليها. فلعن افريدون ذلك الجبل و دعا اللّه أن لا ينبت عليه شيئا في شتاء و لا صيف و أن لا يثبت عليه ثلج و لا تسرح عليه سارحة تؤمّه و لا أهلية و لا يأتي إليه حيوان. فأجاب اللّه دعاءه. فهو كذلك [142 ب] إلى يوم التناد.
ثم قاده من الري نحو محبسه على طريق الخوار، فوافاه و هو يقوده إصبهبد جرجان ـ و كان رجلاً ذا أيد و بطش ـ فسار معه أياما. و عرضت لأفريدون حاجة فلم يثق بأحد يمسكه عليه فقال الأصبهبد: أيها الملك، أنا أمسكه عليك. فقال: أخاف أن لا