الأعرابي: ما كان أغناني عن هذا! و أنشأ يقول:
لعمري لجوّ من جواء سُوَيقةأسافلُهُ ميث و أعلاه أجرَعُ
به العُفْرُ وَ الظَّلْمانُ و العين ترتعيو أُمُّ رِئالٍ و الظَّليمُ الهَجنّعُ
و أسْفعُ ذو رُمْحَينِ يضحي كأنّهإذا ما علا نشزا، حصانٌ مبرقعُ
أحبُّ إلينا أن نجاور أهلناو يصبح منّا و هو مَرأَى و مسمَعُ
من الجوسْق الملعون بالرّيّ كلّمارأيتُ به داعي المنيّة يلمعُ
يقولون: صبرا و احتسب! قلت: طالماصبرتُ و لكن لا أرى الصبر ينفعُ
فليتَ عطائي كان قُسّمَ بينهمو ظلّت بيَ الوَجناء بالدّوّ تضبَعُ
كأنّ يديها حين جدّ نجاؤهايدا سابحٍ في غمرة يَتَبوّعُ
أأجعل نفسي وزنَ عِلْج كأنّمايموتُ به كلبٌ إذا مات أجمعُ؟
و الجوسق الملعون الذي ذكره ههنا هو قلعة الفَرُّخان؛ و حدث أبوالمحلّم عوف بن المحلم الشيباني قال: كانت لي وفادة على عبداللّه بن طاهر إلى خراسان فصادفته يريد المسير إلى الحجّ فعادلته في العماريّة من مرو إلى الرّيّ، فلمّا قاربنا الرّيّ سمع عبداللّه بن طاهر ورَشانا في بعض الأغصان يصيح؛ فأنشد عبداللّه بن طاهر متمثلاً بقول أبي كبير الهذلي:
ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر،و غصنك ميّادٌ، ففيمَ تَنوحُ؟
أفِق: لا تنح من غير شيء، فإنّنيبكيت زمانا و الفؤاد صحيحُ
وَلُوعا فشَطّتْ غربةً دار زينب،فها أنا أبكي و الفؤاد جريحُ
ثمّ قال: يا عوف أجز هذا، فقلت في الحال:
أ في كلّ عامٍ غُربة و نُزُوحُ؟أما للنّوى من ونية فنريحُ؟
لقد طلّحَ البينُ المشتُّ ركائبي،فهل أرَيَنّ البَينَ و هو طَليحُ؟
و أرّقني بالرّيّ نوحُ حمامةٍ،فنُحتُ و ذو الشجو القديم يَنوحُ
على أنّها ناحتْ و لم تُذرِ دمعة،و نحتُ و أسراب الدّموع سفوحُ
و ناحت و فرخاها بحيث تراهما،و من دون أفراخي مَهامِهُ فيحُ
عسى جودُ عبداللّه أن يعكس النوَىفتضحي عصا الأسفار و هي طريحُ
فإنّ الغنى يُدني الفتى من صديقه،و عدمُ الغنى بالمقترين نزوحُ
فأخرج رأسه من العمارية و قال: يا سائق ألق زمام البعير، فألقاه فوقف و وقف الخارج ثمّ دعا بصاحب بيت ماله فقال: كم يضمّ ملكنا في هذا الوقت؟ فقال: ستين ألف دينار، فقال: ادفعها إلى عوف، ثمّ قال: يا عوف لقد ألقيت عصا تطوافك فارجع من حيث جئت، قال: فأقبل خاصة عبداللّه عليه يلومونه و يقولون أتجيز أيّها الأمير شاعرا في مثل هذا الموضع المنقطع بستين ألف دينار و لم تملك سواها! قال: إليكم عني فإنّي قد استحييت من الكرم أن يسير بي جملي و عوف يقول: عسى جود عبداللّه، و في ملكي شيء لا ينفرد به؛ و رجع عوف إلى وطنه فسُئل عن حاله فقال: رجعت من عند عبداللّه بالغنى و الراحة من النوى؛ و قال معن بن زائدة الشيباني:
تَمَطّى بنيسابور ليلي و ربّمايُرى بجنوب الرّيّ و هو قصيرُ
لَياليَ إذ كلّ الأحبّة حاضرٌ،و ما كحضور من تحب سرورُ
فأصبحتُ أمّا من أحبّ فنازحٌو أمّا الأُلى أقليهمُ فحضورُ
أُراعي نجومَ اللّيل حتى كأنّنيبأيدي عُداةٍ سائرينَ أسيرُ
لعلّ الذي لا يجمعُ الشملَ غيرَهيديرُ رحَى جَمعِ الهَوى فتدورُ
فتَسكن أشجانٌ و نلقى أحبّةً،و يورق غصنٌ للشّباب نضيرُ
و من أعيان من ينسب إليها أبوبكر محمد بن زكرياء الرازي الحكيم صاحب الكتب المصنفة، مات بالرّيّ بعد منصرفه من بغداد في سنة 311؛ عن ابن شيراز، و محمد بن عمر بن هشام أبوبكر الرازي الحافظ المعروف بالقماطري، سمع و روى و جمع، قال أبوبكر الإسماعيلي: حدّثني أبوبكر محمد بن عمير الرازي الحافظ الصدوق بجرجان،و ربّما قال الثقة المأمون، سكن مرو و مات بها في سنة نيف و تسعين و مائتين؛ و عبدالرحمن بن محمد بن إدريس أبومحمد بن أبيحاتم الرازي أحد الحفّاظ، صنف الجرح و التعديل فأكثر فائدته، رحل في الطلب العلم و الحديث فسمع بالعراق و مصر و دمشق، فسمع من يونس بن عبد الأعلى و محمد بن عبداللّه بن