الثاني : ما ورد في بعض الأخبار عن مولانا الصادق عليه السلام ، أنّ بريدة كان غائبا بالشام ، فقدم بعد مبايعة أبي بكر ، فقال : يا أبابكر ، هل نسيت تسليمنا على عليّ عليه السلام بإمرة المؤمنين؟! فقال : يا بريدة ، أنت غبت وشهدنا ، وإنّ اللّه يحدث الأمر بعد الأمر ، ولم يكن اللّه ليجمع لأهل هذا البيت النبوّة والخلافة .
أقول : تأمّلْ أ يّها اللبيب في جوابه ، وتفكّر في اُسلوب خطابه ، وتعجّب من . . . أصحابه ، هلاّ سألوه عن الأمر الحادث : «هل حدث في زمانه ؟» ولا يمكنه أن يقول : «نعم» ، لعدم الدليل ، ولِما ثبت أ نّه عند الموت . أيضا . كان يريد كتابة اسمه ، وعمر منعه على الوجه المستنكر ، حتّى مات صلى الله عليه و آله مغضبا عليه : «أو حدث بعده ؟» ولا يمكنه أن يقول: «نعم» ، لانقطاع الوحي بعده ، وانتفاء النسخ بعد زمانه .
وهلاّ سألوه عن وجه التلقيب في زمانه : «هل كان على الغفلة؟» ولا يمكنهم أن يقولوا : «نعم» إذ لا غفلة للّه ولرسوله «أو كان قصدا ؟» فكيف جُمع الأمران في أهل البيت أوّلاً وفُرّق بينهما أخيرا ؟
وليس لهم بَعد ذا إلاّ أن يقولوا : إنّما لقّب بهذا أوّلاً ليطمئنّ قلبه ويبذل جهده في إعلاء كلمة الحقّ ، ثمّ لمّا انقضى الغرض وآل الأمر إلى وفاته واُرجع الإمارة إلى غيره عزل . وفي هذا نسبة الاستهزاء الذي هو عمل الجاهلين إلى اللّه ورسوله !
وهلاّ سألوه عن جهة اجتماع الأمرين في أهل بيت داود وعدم اجتماعهما في أهل بيت خاتم الأنبياء ، فليس له إلاّ القول بأنّ لداود وأهل بيته فضل على خاتم الرسل وأهل بيته ، ولا يقولُ بذلك إلاّ شقيّ معاند ، فتأمّل .
الحديث الثاني والثلاثون
۰.روى أبو المكارم في الأربعين والراغب في مفرداته وغيرهما في غيرهما ، عنه صلى الله عليه و آله أ نّه قال :حقّ عليّ على هذه الاُمّة كحقّ الوالد على الولد ۱ .
1.المناقب لابن المغازلي ، ص ۹۴ ، ح ۷۰ .